على خلقه، أي استعبد خلقا وملائكة، والحاصل أنه تعالى لا يحتاج في حمل العرش إلى غيره، بل استعبد أصناف خلقه بأنواع الطاعات، وحملة العرش عبادتهم حمل العرش من غير حاجة إليهم (وهم يعملون بعلمه) أي بما أعطاهم من العلم، ويحتمل أن يكون هذا مبنيا على كون العرش بمعنى العلم، فحملة العرش الأنبياء والأوصياء ومن حول العرش الذين يأخذون العلم عنهم ويعملون بالعلم الذي حمله الحملة فهم مطيفون بهذا العرش ومقتبسون من أنواره (كما قال) أي استواؤه سبحانه على العرش على النحو الذي قال، وأراد من الاستواء النسبة أو الاستيلاء كما مر لا كما تزعمه المشبهة. وقوله (والعرش) وما عطف عليه مبتدأ خبره محذوف أي محمول كلهم أو سواء في نسبتهم إليه سبحانه.
(قولا مفردا لا يوصل بشئ) أي لا يقرن بقرينة صارفة عن ظاهره، أو ينسب إلى شئ آخر على طريقة الوصف بحال المتعلق بأن يقال: عرشه محمول، أو أرضه تحت كذا، أو جحيمه أسفل ونحو ذلك، وإلا (فيفسد اللفظ) لعدم الإذن الشرعي وأسماؤه توقيفية، وأيضا هذا اسم نقص كما مر (والمعنى) لأنه يوجب نقصه وعجزه تعالى عن ذلك علوا كبيرا (وهو في صفتك) أي في وصفك إياه أنه لم يزل غضبانا على الشيطان وعلى أوليائه، والحاصل أنه لما فهم من كلامه أن الملائكة الحاملين للعرش قد يكونون قائمين وقد يكونون ساجدين بطريان الغضب وضده وحمل الحديث على ظاهره نبه عليه السلام على خطائه إلزاما عليه بقدر فهمه بأنه لا يصح ما ذكرت، إذ من غضبه تعالى ما علم أنه لم يزل كغضبه على إبليس، فيلزم أن يكون حملة العرش منذ غضب على إبليس إلى الآن سجدا غير واقفين إلى مواقفهم فعلم أن ما ذكرته وفهمته خطاء، والحديث على تقدير صحته محمول على أن المراد بغضبه سبحانه إنزال العذاب، وبوجدان الحملة ثقل العرش اطلاعهم عليه بظهور مقدماته وأسبابه، وبسجودهم خضوعهم وخشوعهم له سبحانه خشية وخوفا من عذابه، فإذا انتهى نزول العذاب وظهرت مقدمات رحمته اطمأنوا ورغبوا في طلب رحمته. ثم بعد إلزامه عليه السلام بذلك شرع في الاستدلال على تنزيهه سبحانه مما فهمه