عباده، واستعبد أهل الأرض بالطواف حوله بيته، والله على العرش استوى، كما قال، والعرش ومن يحمله ومن حول العرش والله الحامل لهم الحافظ لهم الممسك القائم على كل نفس، وفوق كل شئ، وعلى كل شئ، ولا يقال محمول ولا أسفل قولا مفردا لا يوصل بشئ فيفسد اللفظ والمعنى. قال أبو قرة: فتكذب بالرواية التي جاءت: أن الله تعالى إذا غضب إنما يعرف غضبه أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم، فيخرون سجدا، فإذا (1) ذهب الغضب خف ورجعوا إلى مواقفهم؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: أخبرني عن الله تبارك وتعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه فمتى رضي وهو في صفتك لم يزل غضبانا عليه وعلى أوليائه وعلى أتباعه؟ كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغير من حال إلى حال، وأنه (2) يجري عليه ما يجري على المخلوقين؟ سبحانه وتعالى!
لم يزل مع الزائلين، ولم يتغير مع المتغيرين، ولم يتبدل مع المتبدلين، ومن دونه في يده وتدبيره، وكلهم إليه محتاج، وهو غني عمن سواه (3).
بيان: (والمحمول اسم نقص) أي كل اسم مفعول دل على تأثر وتغير من غيره وفاقة إليه فهو اسم نقص كالمحفوظ والمربوب والمحمول وأمثالها، لا كل ما هو على هذه الصيغة، إذا يجوز إطلاق الموجود والمعبود والمحمود وأمثالها عليه تعالى (وكذلك قول القائل فوق وتحت) يعني أن مثل ذينك اللفظين في كون أحدهما اسم مدح والآخر اسم نقص قول القائل فوق وتحت، فإن فوق اسم مدح وتحت اسم نقص، وكذلك أعلى اسم مدح وأسفل اسم نقص، وقوله عليه السلام (خلق) بالجر بدل (غيره) وأشار بذلك إلى أن الحامل لما كان من خلقه فيرجع الحمل إليه تعالى (وهم حملة علمه) أي وقد يطلق حملة العرش على حملة العلم أيضا، أو حملة العرش في القيامة هم حملة العلم في الدنيا وقوله عليه السلام (خلقا) و (ملائكة) معطوفان