بعده إنه كان حليما غفورا) قال: فأخبرني عن قوله (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) فكيف ذاك وقلت إنه يحمل العرش والسماوات والأرض؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن العرش خلقه الله تبارك وتعالى من أنوار أربعة: نور أحمر منه احمرت الحمرة، ونور أخضر منه اخضرت الخضرة، ونور أصفر منه اصفرت الصفرة، ونور أبيض منه ابيض البياض، وهو العلم الذي حمله الله الحملة، و ذلك نور من نور عظمته، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالاعمال المختلفة، والأديان المشتبهة (1) فكل [شئ] محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فكل شئ محمول والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا، والمحيط بهما من شئ وهو حياة كل شئ، ونور كل شئ، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
قال له: فأخبرني عن الله عز وجل أين هو؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هو ههنا وههنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا، وهو قوله (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا) فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى، وذلك قوله تعالى (وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم) فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه، وليس يخرج من (2) هذه الأربعة شئ خلق الله في ملكوته، وهو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه، وأره خليله عليه السلام فقال: (و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) وكيف يحمل حملة العرش الله وبحياته حييت قلوبهم وبنوره اهتدوا إلى معرفته (3)؟!