بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٦٣
إثبات أن الأجسام ممكنة الوجود مصنوعة معلومة تحتاج إلى صانع يصنعها ويوجدها وعلى الثاني يكون مبنيا على ما سبق في الأخبار الكثيرة أن كل قديم لا يكون إلا واجبا بالذات، والمعلول لا يكون إلا حادثا بالزمان، وهو أظهر، وهكذا فهمه الصدوق وأورده في باب حدوث العالم وعقبه بالدلائل المشهورة عند المتكلمين على الحدوث.
وقيل: حاصل استدلاله عليه السلام إما راجع إلى دليل المتكلمين من أن عدم الانفكاك من الحوادث يستلزم الحدوث، وإما إلى أنه لا يخلو إما أن يكون بعض تلك الأحوال الزائلة المتغيرة قديما أن يكون كلها حوادث، وهما محالان، أما الأول فلما تقرر عندهم أما ما ثبت قدمه امتنع عدمه، وأما الثاني فلاستحالة التسلسل في الأمور المتعاقبة، والأول أظهر (1).
33 - الكافي: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم الحسني، عن علي بن أسباط، عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل (أو لم ير الانسان أنا خلقناه ولم يك شيئا) قال: فقال لا مقدارا ولا مكونا. قال: وسألته عن قوله عز وجل (هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) قال: كان مقدرا غير مذكور (2).

(١) يظهر بالتأمل في الرواية، أن الإمام عليه السلام يستدل بتغير العالم وأخيرا بامكان تغيره على حدوثه يعنى أنه يمكن عدمه؟ وهو معنى الحدوث الذاتي وهو أول الاحتمالين المذكورين في كلام العلامة المؤلف رضوان الله عليه فأمعن النظر في قوله عليه السلام (لان الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد أو يبطل) وفي قوله (وفي جواز التغيير عليه خروجه من القدم) فان إمكان التغير لا يثبت عدمه في زمان ما حتى يثبت الحدوث الزماني، وإنما يثبت إمكاني عدمه ذاتا وهو الحدوث الذاتي. ولسنا نعنى بهذا أن العالم ليس بحادث زماني، كلا! وإنما نعنى أن المراد بهذا الكلام إثبات الصانع وحدوث ما سواء ذاتا.
وربما يظهر من هنا أن المراد بالحدوث والقدم في سائر الروايات التي تجرى هذا المجرى الحدوث والقدم الذاتيان، ولكن حيث كان يصعب تفكيك الذاتيين من الزمانيين على افهام العامة بل على كثير من أهل البحث والنظر جرى كلامهم عليهم الصلاة والسلام مجرى يحتمل الوجهين فتأمل جيدا.
(٢) الكافي: ج ١، 147.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376