بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٦٧
عز لأنه كان قبل عزه، وذلك قوله (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) وكان خالقا ولا مخلوق (1)، فأول شئ خلقه من خلقه الشئ الذي جميع الأشياء منه وهو الماء. فقال السائل: [فالشئ] خلقه من شئ أو من لا شئ؟ فقال: خلق الشئ لا من شئ كان قبله، ولو خلق الشئ من شئ إذا لم يكن له انقطاع أبدا ولم يزل الله إذا ومعه شئ، ولكن كان الله ولا شئ معه، فخلق الشئ الذي جميع الأشياء منه، وهو الماء (2).
بيان: قوله (فإن بعض من سألته قال القدرة) لعل هذا القائل زعم أن صفاته تعالى زائدة على ذاته مخلوقة له، كما ذهب إليه جماعة من العامة، وسيأتي برواية الكليني (القدر) فلعله توهم أن تقديره تعالى جوهر، أو يكون مراده بالقدرة اللوح الذي أثبت الله تعالى فيه تقديرات الأمور، وكذا القول بأن أول المخلوقات العلم مبني على القول بمخلوقية الصفات. وفي الكافي مكانه (القلم) وهو موافق لبعض ما سيأتي من الاخبار، وسنذكر وجه الجمع بينها وبين غيرها. قوله عليه السلام (لأنه كان قبل عزه) لعل المراد أنه كان غالبا وعزيزا قبل أن يظهر عزه وغلبته على الأشياء بخلقها، ولذا قال (رب العزة) إذ فعلية العزة وظهورها مسبب عنه، والمعنى: ولا عز لغيره. فالمراد بالعزة في الآية عزة المخلوقات. و في الكافي (ولا أحد كان قبل عزه وذلك قوله) أي لم يكن أحد قبل عزة يكون عزه به. واستدل عليه بقوله (رب العزة) إذ هو يدل على أنه سبحانه سبب كل

(1) قد نقلنا في ذيل الحديث 17 في معنى كونه تعالى خالقا إذ لا مخلوق من المؤلف رحمه الله أن المراد بالخالقية قبل الخلق القدرة على خلق كل ما علم أنه أصلح والسر فيه أن الصفات الفعلية خارجة عن الذات ومتأخرة عنها لكن ملاكاتها موجودة فيها ومتحدة بها فكذا المراد بكونه عزيزا ولا عز أنه كان واجدا لما هو ملاك العزة وهو الكمالات الذاتية. وأما هذا المفهوم الانتزاعي فليس عين ذات البارئ ولذا استشهد عليه السلام بقوله تعالى (رب العزة) فان المربوب وهو العز غير الرب ومتأخر عنه.
(2) التوحيد: ص 32.
(٦٧)
مفاتيح البحث: العزّة (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست