عزة، فلو كان عزه بغيره كان ذلك الغير (رب العزة) وهذا الخبر نص صريح في الحدوث ولا يقبل التأويل بوجه.
45 - الاحتجاج وتفسير الامام أبى محمد العسكري: عن آبائه عليهم السلام قال: احتج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الدهرية فقال: ما الذي دعاكم إلى القول بأن الأشياء لا بدء لها، وهي دائمة لم تزل ولا تزال؟
فقالوا: لأنا لا نحكم إلا بما شاهدنا (1)، ولم نجد للأشياء حدثا فحكمنا بأنها لم تزل، ولم نجد لها انقضاء وفناء فحكمنا بأنها لا تزال. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أفوجدتم لها قدما أم وجدتم لها بقاء أبدا (2)؟ فإن قلتم إنكم وجدتم ذلك أنهضتم لأنفسكم أنكم لم تزالوا على هيئتكم وعقولكم بلا نهاية ولا تزالون كذلك! ولئن قلتم هذا دفعتم العيان وكذبكم العالمون الذين يشاهدونكم. قالوا: بل لم نشاهد لها قدما ولا بقاء أبد الآبدين (3). قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فلم صرتم بأن تحكموا بالبقاء والقدم (4) لأنكم لم تشاهدوا حدوثها وانقضائها أولى من تارك التميز لها مثلكم، فيحكم لها بالحدوث والانقضاء والانقطاع لأنه لم يشاهد لها قدما ولا بقاء أبد الأبد (5)؟ أو لستم تشاهدون الليل والنهار وأحدهما بعد الآخر؟ فقالوا: نعم فقال: أترونهما لم يزالا ولا يزالان؟ فقالوا: نعم، فقال: أفيجوز عندكم اجتماع الليل والنهار؟ فقالوا: لا، فقال صلى الله عليه وآله: فإذن ينقطع أحدهما عن الآخر فيسبق أحدهما ويكون الثاني جاريا بعده، قالوا: كذلك هو، فقال: قد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل ونهار ولم تشاهدوهما فلا تنكروا الله قدره. ثم قال صلى الله عليه وآله: أتقولون ما قبلكم من الليل والنهار متناه أم غير متناه؟ فإن قلتم إنه غير متناه فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله، وإن قلتم إنه متناه فقد كان ولا شئ منهما. قالوا: