بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٣٠٢
والجواب أن يقال: ما أردت بقولك (والبارئ تعالى قادر كامل في تأثيره) إن أردت أن لا نقص في ذاته وصفاته الكمالية كقدرته وعلمه وإرادته وفي اقتضاء ذاته القديمة إفاضة الخير والجود فذلك مسلم، ولا يلزم (منه) وجوب إيجاد العالم أزلا، لجواز توقف الايجاد على شرط يقتضيه العلم بالأصلح، وإن أردت به أن الفاعل في الأزل مستجمع لشرائط التأثير فهو ممنوع، والسند ما مر. والحاصل أن مقتضى كونه كاملا جوادا في ذاته أن لا ينفك عن ذاته إفادة ما ينبغي، ولا نسلم أن وجود العالم في الأزل كذلك، إذ ما ينبغي عبارة عما هو أصلح بالنظام بحسب علمه القديم، والأصلح إنما هو وجود العالم فيما لا يزال.
وقال بعض المحققين في الجواب عن هذه الشبهة: إنها مبنية على استلزام أزلية الامكان إمكان الأزلية وهو ممنوع، فإن معنى الأول استمرار إمكان الشئ وجواز وجوده، ومعنى الثاني جواز أن يوجد الشئ وجودا مستمرا أزلا وأبدا وظاهر أن استلزام الأول للثاني ليس مما لا يطلب له دليل. واستدل عليه بأنه إذا استمر الامكان أزلا لم يكن في ذاته مانع من الوجود في شئ من أجزاء الأزل فعدم منعه أمر مستمر في جميع أجزاء الأزل، فإذا نظر إلى ذاته جاز له الاتصاف بالوجود في كل جزء منها لابد لا فقط بل ومعا أيضا، وهو إمكان اتصافه بالوجود المستمر الأزلي، فأزلية الامكان استلزمت إمكان الأزلية. وفيه نظر إذ قوله (ومعا أيضا) ممنوع، بل وقوله (جاز له الاتصاف بالوجود في كل جزء منها) أيضا ممنوع، فإن الآنيات يمتنع وجودها في الزمان، وأيضا ما ذكره منقوض بالحركة التوسطية الآخذة من مبدأ معين، فإنها ممكنة أزلا ولا يمكن لها الوجود أزلا لوجود مبدء لها فرضا (انتهى).
وأقول: ويظهر من أجوبة سائر الشبه أجوبة أخرى لهذه الشبهة تركناها للمتأمل الفطن.
المرصد الثالث: دفع الشبهة التي أوردها صاحب المحاكمات، وهي أنه لا يجوز أن يكون فعله تعالى معدوما ثم يوجد، إذ العدم الصريح لا تمييز فيه حتى
(٣٠٢)
مفاتيح البحث: الجود (1)، الجواز (2)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376