صفة معينة كالطول مثلا أو القصر يوجد المعلول بهذه الصفة، فكذا ههنا لما تعلق إرادة الفاعل المختار بوجود الحادث لم يتصور إلا كونه حادثا والحاصل أن المعلول إنما يوجد بإرادة الفاعل المختار على النحو الذي تعلق به إرادته، سواء كان مقارنا لوجوده أو متأخرا عنه.
وقد يقال إن الأزل فوق الزمان، ومعنى كون الشئ أزليا أن يكون سابقا على الزمان، فالواجب تعالى لما كان متعاليا عن الزمان لا يوصف بكونه في الزمان كما لا يوصف بكونه في المكان، فلا شئ غيره في الأزل، وإنما يوجد ما يوجد حسب ما تعلقت به الإرادة الأزلية من تخصيصها الأزلي بأوقاتها، والزمان من جمله الممكنات، وقد تعلقت الإرادة الأزلية بوجوده المتناهي، وليس الله تعالى متقدما عليه بالزمان، إذا لواجب تعالى ليس بزماني حتى يقال إنه متقدم على غيره بالزمان.
فان قيل: لا شبهة في أن الإرادة القديمة بذاتها ليست كافية في وجود الممكن وعلى فرض أن تكون كافية يلزم قدم الممكن فلا بد من تعلقها وحينئذ لا يخلو هذا التعلق من أن يكون حادثا أو قديما، وعلى الأول يلزم التسلسل، لأنا ننقل الكلام إلى سبب هذا التعلق حتى يلزم التسلسل، وعلى الثاني قدم الممكن الذي تعلقت به الإرادة.
فقد أجيب عنه تارة بأن التعلق أمر عدمي فلا يحتاج إلى أمر يخصصه بوقت دون وقت، ولئن سلم فالتسلسل في الأمور الاعتبارية وهي التعلقات غير ممتنع، و أنت تعلم أن اختصاص كل صفة سواء كانت وجودية أو عدمية بوقت يحتاج إلى مختص بالبديهة، وأما التسلسل في التعلقات بأن يكون مخصص تعلق الإرادة بذلك الوقت تعلق الإرادة بتعلق الإرادة في ذلك الوقت وهكذا حتى تكون إرادة وجود الممكن في ذلك الوقت لأنه أراد إرادة وجوده في ذلك الوقت، وأراد إرادة إرادة وجوده في ذلك الوقت لأنه أراد إرادة تلك الإرادة وهكذا فيتسلسل تعلقات الإرادة من جانب المبدأ وينتهي من الجانب الآخر إلى إرادة ذلك الممكن، وحينئذ تكون