الثالثة حال الزمان المتأخر، فلا بعد فيما يلوح من بعض الإشارات المأثورة من أنه تعالى كان قدر للزمان المتقدم أسابيع، وسمى الأول من أيامها بالأحد والثاني بالاثنين وهكذا إلى السبت، وكذلك قدر له شهورا تامة كل منها ثلاثون يوما سمى أولها بالمحرم أو رمضان على اختلاف الروايات في أول شهور السنة وثانيها بصفر أو شوال وهكذا إلى ذي الحجة أو شعبان، وعلى كل تقدير كان المجموع سنة كاملة موافقة لثلاثمائة وستين يوما، ثم جعل أيام أسابيعنا وشهورنا موافقة لأيام تلك الأسابيع والشهور في المبدء والعدة والتسمية، وقد يساعد عليه ما في سورة التوبة من قوله تعالى (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم (1)) فتستقيم بذلك أمثال ما روي أنه تعالى خلق الأرض والسماء في يوم الأحد، أو خلق الملائكة في يوم الجمعة فلا يتوجه إشكال وجوب تأخر أصل اليوم فضلا عن خصوص الأحد عن خلق السماوات والأرض، ولا إشكال لزوم خلق الملائكة فيما تأخر عن المتأخر عنه من السماوات والأرض على ما مر في حديث الرضا عليه السلام، وتستقيم به أيضا أمثال ما روي أن دحو الأرض كان في ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة بدون استعاد وانقباض للعقل من جهة أن تقدم امتياز تلك الشهور بعضها عن بعض وانضباطها بتلك الأسامي على دحو الأرض وما يتبعه من خلق الانس بل الجن أيضا خلاف العادة.
ثم إنه يلوح مما ذكره صاحب الملل والنحل بقوله (قد اجتمعت اليهود على أن الله تعالى لما فرغ من خلق الأرض استوى على عرشه مستلقيا على قفاه واضعا إحدى رجليه على الأخرى فقالت فرقه منهم إن الستة الأيام هي الستة آلاف سنة فإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون وبالسير القمري، وذلك ما مضى من لدن آدم عليه السلام إلى يومنا هذا وبه يتم الخلق، ثم إذا بلغ الخلق إلى النهاية ابتدأ الامر، ومن ابتداء الامر يكون الاستواء على العرش والفراغ من