ثلاثمأة وستين وكذا يدل على أن الأيام المختزلة لو كانت عشرة مثلا لكانت أيام السنة الدنيوية ثلاثمأة وخمسين، وعلى هذا القياس فيظهر بذلك أنه مبني على أن الحكمة الإلهية اقتضت مساواة الأيام الباقية بعد الاختزال من السنة الربانية مع أيام كل سنة من السنين الدنيوية، فيتفطن الذكي من لزوم تلك المساواة بين هاتين الأيامين أنهما منسوبتان إلى شئ واحد، فكما أن أيام السنة الدنيوية منسوبة إلى الدنيا ومحسوبة من عمرها كذلك الأيام الباقية المذكورة منسوبة إليها لأجل عمرها، ويؤيده انتساب الأيام السنة المختزلة أيضا إليها لأجل خلقها، فتبين من مدارج ما قررنا سر هذا الاختزال وكونه على النحو المذكور أيضا، فإنه لو لم يقع أو وقع لا على النحو المذكور لكان يزيد ألف سنة من سني الدنيا على يوم من الأيام الربانية أو ينقص عنها وهو خلاف ما أخبرنا الله تعالى به من مساواتهما المبنية على حكمته ومصلحته بلا شبهة.
ثم ليعلم أن كون السنة الدنيوية القمرية ثلاثمأة وأربعة وخمسين يوما مبني على ما تعارف من اسقاط الكسر الناقص عن النصف في الحساب مساهلة فلا ينافي كونها في الحقيقة زائدة عليه بثماني ساعات مستوية وثمان وأربعين دقيقة على ما هو المضبوط بالارصاد، فعلى ذلك تكون بقية السنة الربانية التي بإزاء عمر الدنيا أيضا زائدة بمثل تلك الساعات والدقائق بحكم المساواة المذكورة، فيلزم من هذه الجهة أن يكون أيام (1) الستة المختزلة لخلق الدنيا ناقصة عنها أيضا بالقدر المذكور، لئلا يلزم زيادة مجموعهما على ثلاثمأة وستين، وقد أشرنا في تصوير زمان حمل الدنيا إلى هذه الدقيقة فتذكر.
انتهى كلامه رفع الله مقامه ولقد أحسن وأجاد، وحقق وأفاد، في إبداء هذا الوجه الوجيه مع تأيده بما ذكره وبغيره من الأخبار المتقدمة عن مجاهد وغيره، وبما رواه الصدوق ره في الفقيه وغيره في علة الصلوات الخمس عن النبي صلى الله عليه وآله حيث قال: وأما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله عز وجل فيها