وهي ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما بإزاء عمرها، وأنها كما مر مساوية لثلاثمائة وأربعة وخمسين ألف سنة من السنين القمرية الدنيوية، يلوح ذلك من جملة روايات وعدة إشارات من الصادقين عليهم السلام:
منها: ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله في فضل الجهاد وتوابعه أن رباط يوم في سبيل الله خير من عبادة الرجل في أهله سنة، ثلاثمائة وستين يوما كل يوم ألف سنة. فأن الذكي يتفطن من الخصوصية المذكورة فيها لكل من السنة واليوم بأن المراد بهما غير السنة واليوم الدنيويين، إذ لا سنة في الدنيا بهذا العدد من الأيام فإنه لا يوافق شيئا من الشمسية والقمرية المعتبرتين فيها، ولا يوم من أيام الدنيا موافقا لذلك الامتداد من الزمان، فيظن أن هذا التعبير كناية عن نهاية ما يتصور للرجل من العبادة، وهو تمام زمان الدنيا.
ومنها: ما رواه الصدوق في الفقيه والكليني في الكافي ثم أورد الروايتين فقال: وجه دلالة الحديثين على ما ذكرنا أن السنة الأولى فيه وهي المختزلة عنها الأيام الستة يجب أن تحمل على السنة الربانية، لان شيئا من السنة الشمسية والقمرية الدنيويتين لم يخلق ثلاثمأة وستين يوما كما تقرر في موضعه، ولأنه لو حملت على الدنيوية فإما أن تحمل الأيام الستة أيضا على الأيام الدنيوية فغاية ما يلزم من اختزالها عنها أن تكون السنة الأولى من سني عمر الدنيا ثلاثمأة و أربعة وخمسين يوما، فلا يلزم هذا النقصان في جميع السنين وإما أن تحمل على الأيام الربانية فلا يتصور الاختزال المذكور حينئذ فإذا يوما من تلك الأيام كألف سنة من تلك السنين، فتحقق أن المراد بتلك السنة السنة الربانية على وفق ما بينا أن المراد بالأيام الستة الأيام الربانية وأما السنة الثانية في الحديثين فيجب أن تحمل على السنة الدنيوية المستتبعة لنقصان بعض شهورها وهو ظاهر. فعلى هذا ما يفهم منه من تفرع النقصان في تلك السنة وشهورها على الاختزال المذكور يدل على أنه لو لم يختزل الأيام الستة المذكورة عن رأس السنة الربانية المذكورة بل وقع خلق الدنيا في زمان خارج عن تلك السنة متصل بها، لكانت أيام السنة الدنيوية