من الممكن أن تكون هذه الأجسام (1) متفرقة غير مجتمعة وقت إبداع المبدع لها وإحداثه إياها، ولها هذه الحركات التي أوجب الحساب اجتماعها في نقطة واحدة في تلك المدة (انتهى).
السادس أن الاستدلال بالآية لا يتم، إذ يمكن أن يحمل قوله تعالى (ولا الليل سابق النهار) على أن الليل لا يأتي قبل وقته المقرر وزمانه المقدر كما أن الشمس لا تطلع قبل أوانه، وكل من الليل والنهار لا يأتي أحدهما قبل تمام الآخر كما سيأتي بيانه في تفسير الآية.
والجواب أنه عليه السلام بنى الاستدلال على ما علم من مراده تعالى في الآية وكان عليه السلام عندهم مأمونا مصدقا في ذلك.
السابع أن ما تقدم نقلا من السيوطي عن ابن عباس ينافي ذلك، حيث حكم بتقدم الليل على النهار، وما ينقل عن التورية موافقا لذلك أيضا ينافيه.
والجواب أن حديث ابن عباس لا يعارض به كلام الإمام عليه السلام المنقول من الأصول المعتبرة، وكذا نقل التورية لم يثبت، ولو ثبت فأكثرها محرفة لا يعتمد عليها. وربما يجاب بأن حدوث النور إنما هو بعد الظلمة، فالظلمة مقدمة على النور، لكن طالع خلق الدنيا يعني طالع دحو الأرض كان هو السرطان، و الشمس حينئذ في الحمل في العاشر على ما ذكره الإمام عليه السلام فأول الأوقات في دحو الأرض هو الظهر، ولذا سميت صلاة الظهر بالصلاة الأولى كما سميت بالوسطى أيضا عند كثير من العلماء، وإنما فسر طالع الدنيا بطالع دحو الأرض لان خلق الأرض مقدم على خلق السماء لكن دحوها مؤخر، جمعا بين الآيات (انتهى).
وأقول: يمكن حمله على ابتداء خلق الكواكب فإن حصول النهار إنما هو عنده والحاصل أنه تم خلق أجزاء الدنيا حين كون السرطان على الأفق الشرقي بالنسبة إلى قبة الأرض، فإذا رجعت على توالي البروج وعددت ستة من تحت الأرض وثلاثة من فوقها كان العاشر، وهو الحمل على سمعت الرأس، فإذا كانت الشمس فيه يكون