بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٢٠
الخلق، وليس ذلك أمرا كان ومضى بل هو في المستقبل إذا عددنا الأيام بالألوف (انتهى) أن بعضا من الكتب السماوية كالتورية كان متضمنا للإشارة إلى أن المراد بالأيام المخلوقة فيها السماوات والأرض هو الأيام الربانية، ولكن اليهود لم يتفطنوا بكونها سابقة على زمان الدنيا وتعمدوا في تحريفها عن موضعها بتطبيقها على بعض أزمنة الدنيا تصحيحا لما سولته لهم أنفسهم من أن شريعة موسى عليه السلام هي أول أوامره وشروعه في التكليف، حتى لا يلزمهم الاقرار بنسخ شريعة سابقة مستلزم لامكان وقع مثله على شريعتهم أيضا فافهم.
ويظهر مما ذكره محمد بن جرير الطبري في أول تاريخه أن حمل تلك الأيام على الأيام الربانية أو مقرر بين أهل الاسلام أيضا من قديم الأيام. فإذا تأملت في مدارج ما صورناه وبيناه يظهر لك أن السماوات والأرض وما بينهما المعبر عنها بالدنيا بمنزلة شخص مخلوق من نطفة هي الماء على طبق حصول استعداداته بالتدريج كما جرت به عادته تعالى في مدة مديدة هي على حسابنا ستة آلاف سنة قمرية موافقة لستة أيام من الأيام الربانية، فبعد تمام هذه المدة التي هي بمنزلة زمان الحمل لها تولدت كاملة بطالع (1) السرطان والكواكب في شرفها، وحينئذ أخذت الشمس والقمر في حركتهما المقدرة لهما المنوطة بهما الليل والنهار، وذلك كان في يوم الجمعة كما مر وجهه، وكان أيضا سادس شهر محرم الحرام أو رمضان المبارك عندما مضت ثلاث ساعات واثنتا عشرة دقيقة من نهاره، ولا ينافي ذلك ما ورد في حديث الرضا عليه السلام أنه كانت الشمس عند كينونتها في وسط السماء لأنه عليه السلام في صدد تصوير وضع نهار أيام الدنيا حينئذ لا الأيام الربانية، وما نحن فيه مبني عليها فلا يلزم الموافقة. هذا هو مبدء عمر الدنيا، وأما مبدء خلقها من نطفتها فمقدم عليه بقدر ما عرفت من زمان حملها، فكان مبدء أول يوم الأحد من تلك الأيام غرة أحد الشهرين، ولا شك بما نصب لنا من الدلالات اليقينية أن لها أمدا ممدودا وأجلا محدودا، ويقرب احتمال أنه تعالى كان قدر لجملة زمانها من مبدء خلقها إلى حلول أجلها سنة كاملة من السنين الربانية، فجعل ستة أيام منها بإزاء خلقها والباقية
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376