لما دلت عليه الأخبار المستفيضة من أنهم عليهم السلام يعلمون ما تشابه من القرآن كما مر في كتاب الإمامة، وعلى هذا فالوقف على (العلم) وإليه ذهب أيضا جماعة من المفسر بن، فقوله (يقولون) حال من الراسخين أو استئناف موضح لحالهم ويمكن الجمع بينها بوجوه:
الأول: أن يكون ما ذكره عليه السلام هنا مبنيا على ما اشتهر بين المخالفين إلزاما عليهم.
الثاني: أن يكون للآية ظهر وبطن أحدها أن يكون المراد بالمتشابه مثل العلم بكنه الواجب وما استأثر الله عز وجل بعلمه من صفاته وكنه ذاته وأمثال ذلك مما تفرد سبحانه بعلمه، وإليه يشير ظاهر هذا الكلام، وثانيهما أن يراد به ما علم الراسخون في العلم تأويله، وإليه أشير في سائر الأخبار فيكون القارئ مخيرا في الوقف على كل من الموضعين.
الثالث: ما قيل إنه يمكن حمل حكاية قول الراسخين على اعترافهم وتسليمهم قبل أن يعلمهم الله تأويل ما تشابه من القرآن فكأنه سبحانه بين أنهم لما آمنوا بجملة ما انزل من المحكمات والمتشابهات ولم يتبعوا ما تشابه منه كالذين في قلوبهم زيغ بالتعلق بالظاهر أو بتأويل باطل فآتاهم الله علم التأويل وضمهم إلى نفسه في الاستثناء.
والاستئناف في قوة رفع الاستبعاد عن مشاركتهم له تعالى في ذلك العلم، وبيان أنهم إنما استحقوا إفاضة ذلك العلم باعترافهم بالجهل وصورهم عن الإحاطة بالمتشابهات من تلقاء أنفسهم، وإن علموا التأويل بتعليم إلهي. وقد ورد عنه عليه السلام أنه لما أخبر ببعض الغيوب قال له رجل: أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب! فقال عليه السلام:
ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلم من ذي علم. وقد مر بعض الكلام فيه في كتاب التوحيد.
(إذا ارتمت) يقال: ارتمى القوم، إذا تراموا بالنبال. والأوهام: خطرات القلب، وفي اصطلاح المتكلمين إحدى القوى الباطنة، شبه عليه السلام جولان الأفكار وتعارضها بالترامي. و (المنقطع) موضع الانقطاع، ويحتمل المصدر. وحاولت