بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٤٨
صاحبهم فانظر إليه ثم اخرج فأعلمهم أنه حي لم يقتل، فدخل شريح فنظر إليه فقال هانئ: لما رأى شريحا يا لله يا للمسلمين أهلكت عشيرتي أين أهل الدين أين أهل المصر، والدماء تسيل على لحيته، إذ سمع الضجة على باب القصر، فقال: إني لأظنها أصوات مذحج، وشيعتي من المسلمين، إنه إن دخل علي عشرة نفر أنقذوني.
فلما سمع كلامه شريح خرج إليهم فقال لهم: إن الأمير لما بلغه كلامكم ومقالتكم في صاحبكم أمرني بالدخول إليه فأتيته فنظرت إليه، فأمرني أن ألقاكم وأعرفكم أنه حي وأن الذي بلغكم من قتله باطل، فقال له عمرو بن الحجاج وأصحابه: أما إذ لم يقتل فالحمد لله، ثم انصرفوا.
فخرج عبيد الله بن زياد فصعد المنبر ومعه أشراف الناس وشرطه وحشمه، فقال:
أما بعد أيها الناس، فاعتصموا بطاعة الله وطاعة أئمتكم، ولا تفرقوا فتهلكوا وتذلوا وتقتلوا وتجفوا وتحرموا، إن أخاك من صدقك، وقد أعذر من أنذر، والسلام.
ثم ذهب لينزل فما نزل عن المنبر حتى دخلت النظارة المسجد من قبل باب التمارين يشتدون ويقولون: قد جاء ابن عقيل، فدخل عبيد الله القصر مسرعا وأغلق أبوابه، فقال عبد الله بن حازم: أنا والله رسول ابن عقيل إلى القصر لأنظر ما فعل هانئ، فلما ضرب وحبس ركبت فرسي فكنت أول داخل الدار على مسلم بن عقيل بالخبر، وإذا نسوة لمراد مجتمعات ينادين يا عبرتاه يا ثكلاه، فدخلت على مسلم فأخبرته الخبر، فأمرني أن أنادي في أصحابه وقد ملأ بهم الدور حوله، كانوا فيها أربعة آلاف رجل فقال (1): ناد: " يا منصور أمت " فناديت فتنادى أهل الكوفة واجتمعوا عليه.
فعقد مسلم رحمه الله لرؤس الأرباع كندة ومذحج وتميم وأسد ومضر وهمدان وتداعى الناس واجتمعوا فما لبثنا إلا قليلا حتى امتلأ المسجد من الناس والسوق وما زالوا يتوثبون حتى المساء، فضاق بعبيد الله أمره وكان أكثر عمله أن يمسك باب القصر، وليس معه إلا ثلاثون رجلا من الشرط، وعشرون رجلا من أشراف الناس

(1) في الأصل وهكذا المصدر ص 192 " فقال لمناديه " وهو سهو ظاهر.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست