أصابهما أمر اللعين فأصبحا * أحاديث من يسري بكل سبيل ترى جسدا قد غير الموت لونه * ونضح دم قد سال كل مسيل فتى كان أحيا من فتاة حيية * وأقطع من ذي شفرتين صقيل أيركب أسماء الهماليج آمنا * وقد طالبته مذحج بذحول تطيف حواليه مراد وكلهم * على رقبة من سائل ومسؤول فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم * فكونوا بغايا أرضيت بقليل ولما قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة رحمة الله عليهما بعث ابن زياد برأسيهما مع هانئ بن أبي حية الوادعي والزبير بن الأروح التميمي إلى يزيد بن معاوية وأمر كاتبه أن يكتب إلى يزيد بما كان من أمر مسلم وهانئ فكتب الكاتب وهو عمرو بن نافع فأطال فيه وكان أول من أطال في الكتب فلما نظر فيه عبيد الله كرهه وقال: ما هذا التطويل وهذه الفضول اكتب:
أما بعد فالحمد لله الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقه، وكفاه مؤنة عدوه أخبر أمير المؤمنين أن مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المرادي وإني جعلت عليهما المراصد والعيون ودسست إليهما الرجال، وكدتهما حتى أخرجتهما وأمكن الله منهما، فقد متهما وضربت أعناقهما وقد بعثت إليك برأسيهما مع هانئ بن أبي حية الوادعي والزبير بن الأروح التميمي وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة فليسا لهما أمير المؤمنين عما أحب من أمرهما، فان عندهما علما وورعا وصدقا والسلام.
فكتب إليه يزيد: أما بعد فإنك لم تعد أن كنت كما أحب علمت عمل الحازم وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش، وقد أغنيت وكفيت، وصدقت ظني بك ورأيي فيك، وقد دعوت رسوليك، وسألتهما وناجيتهما، فوجدتهما في رأيهما وفضلهما كما ذكرت، فاستوص بهما خيرا، وإنه قد بلغني أن حسينا قد توجه نحو العراق، فضع المناظر والمسالح، واحترس واحبس على الظنة، واقتل على التهمة واكتب إلي في كل يوم ما يحدث من خبر إنشاء الله (1).