يده ساعة (1).
ثم راجعته نفسه، فقال: اسمع مني وصدق مقالتي، فوالله ما كذبت، والله ما دعوته إلى منزلي، ولا علمت بشئ من أمره حتى جاءني يسألني النزول، فاستحييت من رده وداخلني من ذلك ذمام فضيفته وآويته، وقد كان من أمره ما بلغك، فإن شئت أن أعطيك الآن موثقا مغلظا أن لا أبغيك سوءا ولا غائلة ولآتينك حتى أضع يدي في يدك وإن شئت أعطيتك رهينة تكون في يدك حتى آتيك وأنطلق إليه فأمره أن يخرج من داري إلى حيث شاء من الأرض فأخرج من ذمامه وجواره.
فقال له ابن زياد: والله لا تفارقني أبدا حتى تأتيني به قال: لا والله لا أجيئك به أبدا أجيئك بضيفي تقتله؟ قال: والله لتأتيني به قال: والله لا آتيك به، فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي وليس بالكوفة شامي ولا بصري غيره فقال: أصلح الله الأمير خلني وإياه حتى أكلمه فقام فخلا به ناحية من ابن زياد وهما منه بحيث يراهما فإذا رفعا أصواتهما سمع ما يقولان.
فقال له مسلم: يا هانئ أنشدك الله أن تقتل نفسك، وأن تدخل البلاء في عشيرتك، فوالله إني لأنفس بك عن القتل، إن هذا ابن عم القوم وليسوا قاتليه ولا ضائريه، فادفعه إليهم فإنه ليس عليكم بذلك مخزاة ولا منقصة، إنما تدفعه إلى السلطان، فقال هانئ: والله إن علي في ذلك الخزي والعار أن أدفع جاري وضيفي وأنا حي صحيح أسمع وأرى، شديد الساعد، كثير الأعوان، والله لو لم يكن لي إلا واحد ليس لي ناصر لم أدفعه حتى أموت دونه، فأخذ يناشده وهو يقول: والله لا أدفعه إليه أبدا.
فسمع ابن زياد لعنه الله ذلك فقال: ادنوه مني، فأدنوه منه، فقال: والله لتأتيني به أو لأضربن عنقك، فقال هانئ: إذا والله تكثر البارقة حول دارك، فقال ابن زياد: والهفاه عليك، أبالبارقة تخوفني؟ وهو يظن أن عشيرته سيمنعونه