شريك: ما منعك من الأمر؟ قال مسلم: هممت بالخروج فتعلقت بي امرأة وقالت:
نشدتك الله إن قتلت ابن زياد في دارنا، وبكت في وجهي، فرميت السيف وجلست قال هانئ: يا ويلها قتلتني وقتلت نفسها والذي فررت منه وقعت فيه.
وقال أبو الفرج في المقاتل: قال هانئ لمسلم: إني لا أحب أن يقتل في داري، قال: فلما خرج مسلم قال له شريك: ما منعك من قتله؟ قال: خصلتان:
أما إحداهما فكراهية هانئ أن يقتل في داره، وأما الأخرى فحديث حد ثنيه الناس عن النبي صلى الله عليه وآله أن الايمان قيد الفتك، فلا يفتك مؤمن، فقال لها هانئ: أما والله لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا كافرا (1).
ثم قال المفيد: وخاف هانئ بن عروة عبيد الله على نفسه، فانقطع عن حضور مجلسه وتمارض، فقال ابن زياد: لجلسائه ما لي لا أرى هانئا؟ فقالوا: هو شاك، فقال: علمت بمرضه لعدته، ودعا محمد بن الأشعث، وأسماء بن خارجة وعمرو بن الحجاج الزبيدي وكانت رويحة بنت عمرو تحت هانئ بن عروة وهي أم يحيى بن هانئ فقال لهم: ما يمنع هانئ بن عروة من إتياننا؟ فقالوا: ما ندري وقد قيل إنه يشتكي قال: قد بلغني أنه قد برئ وهو يجلس على باب داره فالقوه ومروه أن لا يدع ما عليه من حقنا، فاني لا أحب أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب.
فأتوه حتى وقفوا عليه عشية وهو جالس على بابه، وقالوا له: ما يمنعك من لقاء الأمير؟ فإنه قد ذكرك وقال: لو أعلم أنه شاك لعدته فقال لهم: الشكوى تمنعني فقالوا: قد بلغه أنك تجلس كل عشية على باب دارك وقد استبطأك والابطاء والجفاء لا يحتمل السلطان، أقسمنا عليك لما ركبت معنا، فدعا بثيابه فلبسها ثم دعا ببغلته فركبها حتى إذا دنا من القصر كأن نفسه أحست ببعض