البيت والخروج منه، فقال لها: والله إنه ليريبني كثرة دخولك إلى هذا البيت وخروجك منه، منذ الليلة، إن لك لشأنا قالت له: يا بني اله عن هذا قال:
والله لتخبريني قالت له: أقبل على شأنك، ولا تسألني عن شئ، فألح عليها فقالت:
يا بني لا تخبرن أحدا من الناس بشئ مما أخبرك به قال: نعم، فأخذت عليه الأيمان فحلف لها، فأخبرته فاضطجع وسكت.
ولما تفرق الناس عن مسلم بن عقيل رحمه الله، طال على ابن زياد وجعل لا يسمع لأصحاب ابن عقيل صوتا كما كان يسمع قبل ذلك، فقال لأصحابه: أشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحدا؟ فأشرفوا فلم يجدوا أحدا، قال: فانظروهم لعلهم تحت الظلال قد كمنوا لكم فنزعوا تخاتج المسجد، وجعلوا يخفضون بشعل النار في أيديهم وينظرون، وكانت أحيانا تضيئ لهم وتارة لا تضيئ لهم كما يريدون فدلوا القناديل وأطنان القصب تشد بالحبال ثم يجعل فيها النيران ثم تدلى حتى ينتهي إلى الأرض ففعلوا ذلك في أقصى الظلال وأدناها وأوسطها حتى فعل ذلك بالظلة التي فيها المنبر فلما لم يروا شيئا أعلموا ابن زياد بتفرق القوم.
ففتح باب السدة التي في المسجد ثم خرج فصعد المنبر، وخرج أصحابه معه وأمرهم فجلسوا قبيل العتمة وأمر عمر بن نافع فنادى: ألا برئت الذمة من رجل من الشرط أو العرفاء والمناكب أو المقاتلة صلى العتمة إلا في المسجد فلم يكن إلا ساعة حتى امتلأ المسجد من الناس، ثم أمر مناديه فأقام الصلاة وأقام الحرس خلفه وأمرهم بحراسته ومن أن يدخل إليه من يغتاله، وصلى بالناس.
ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فان ابن عقيل السفيه الجاهل قد أتى ما رأيتم من الخلاف والشقاق، فبرئت ذمة الله من رجل وجدناه في داره ومن جاء به فله ديته، اتقوا الله عباد الله، وألزموا الطاعة وبيعتكم، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا.
يا حصين بن نمير! ثكلتك أمك إن ضاع باب سكة من سكك الكوفة، وخرج هذا الرجل ولم تأتني به، وقد سلطتك على دور أهل الكوفة. فابعث مراصد على