هات الفاضل من الثلاثمائة ألف درهم، فأحضر خمسين ألفا قال: فما فعل الخمسمائة دينار؟
قال: [هي] عندي قال: أحضرها فأحضرها فدفع الدراهم والدنانير إلى الرجل وقال: هات من يحملها لك فأتاه بحمالين، فدفع الحسن (عليه السلام) إليه رداءه لكرى الحمالين، فقال مواليه: والله ما عندنا درهم فقال (عليه السلام): لكني أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم.
ومنها ما رواه أبو الحسن المدائني قال: خرج الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر (عليهم السلام) حجاجا ففاتهم أثقالهم، فجاعوا وعطشوا فمروا بعجوز في خباء لها فقالوا: هل من شراب؟ فقالت: نعم، فأناخوا بها وليس لها إلا شويهة في كسر الخيمة، فقالت: احلبوها، وامتذقوا لبنها، ففعلوا ذلك وقالوا لها: هل من طعام؟
قالت: لا إلا هذه الشاة، فليذبحنها أحدكم حتى أهيئ لكم شيئا تأكلون.
فقام إليها أحدهم فذبحها وكشطها ثم هيأت لهم طعاما فأكلوا ثم أقاموا حتى أبردوا فلما ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمي بنا فإنا صانعون إليك خيرا، ثم ارتحلوا. وأقبل زوجها وأخبرته عن القوم والشاة فغضب الرجل، وقال: ويحك تذبحين شاتي لأقوام لا تعرفينهم ثم تقولين: نفر من قريش، ثم بعد مدة ألجأتهم الحاجة إلى دخول المدينة، فدخلاها وجعلا ينقلان البعير إليها ويبيعانه ويعيشان منه، فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فإذا الحسن (عليه السلام) على باب داره جالس فعرف العجوز وهي له منكرة.
فبعث غلامه فردها فقال لها: يا أمة الله تعرفيني؟ قالت: لا، قال: أنا ضيفك يوم كذا، فقالت العجوز بأبي أنت وأمي، فأمر الحسن (عليه السلام) فاشترى لها من شاء الصدقة ألف شاة وأمر لها بألف دينار وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين (عليه السلام) فقال:
بكم وصلك أخي الحسن فقالت: بألف شاة وألف دينار، فأمر لها بمثل ذلك، ثم بعث بها مع غلامه إلى عبد الله بن جعفر (عليه السلام) فقال: بكم وصلك الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ فقالت: بألفي دينار وألفي شاة فأمر لها عبد الله بألفي شاة وألفي دينار، وقال: لو بدأت بي لأتعبتهما، فرجعت العجوز إلى زوجها بذلك.