أحدهما عن صاحبه، فلما قضيا حاجتهما ذهب الجدار وارتفع عن موضعه، وصار في الموضع عين ماء وجنتان (1) فتوضئا وقضيا ما أرادا.
ثم انطلقا حتى صارا في بعض الطريق عرض لهما رجل فظ غليظ فقال لهما:
ما خفتما عدوكما؟ من أين جئتما؟ فقالا إنهما جاءا (2) من الخلاء فهم بهما فسمعوا صوتا يقول: يا شيطان أتريد أن تناوي ابني محمد، وقد علمت بالأمس ما فعلت وناويت أمهما، وأحدثت في دين الله، وسلكت (3) عن الطريق، وأغلظ له الحسين أيضا فهوى بيده ليضرب به وجه الحسين، فأيبسها الله من منكبه، فأهوى باليسرى ففعل الله به مثل ذلك، فقال: أسألكما بحق أبيكما وجدكما لما دعوتما الله أن يطلقني، فقال الحسين: اللهم أطلقه واجعل له في هذا عبرة، واجعل ذلك عليه حجة، فأطلق الله يده.
فانطلق قدامهما حتى أتيا عليا وأقبل عليه بالخصومة فقال: أين دسستهما وكان - هذا بعد يوم السقيفة بقليل - فقال علي (عليه السلام): ما خرجا إلا للخلاء، وجذب رجل منهم عليا حتى شق رداءه فقال الحسين للرجل: لا أخرجك الله من الدنيا حتى تبتلي بالدياثة في أهلك وولدك، وقد كان الرجل قاد ابنته إلى رجل من العراق.
فلما خرجا إلى منزلهما قال الحسين للحسن: سمعت جدي يقول: إنما مثلكما مثل يونس إذ أخرجه الله من بطن الحوت، وألقاه بظهر الأرض، وأنبت عليه شجرة من يقطين، وأخرج له عينا من تحتها، فكان يأكل من اليقطين، و يشرب من ماء العين، وسمعت جدي يقول: أما العين فلكم، وأما اليقطين فأنتم عنه أغنياء، وقد قال الله في يونس (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا أفمتعناهم