أبخل الناس وكان الزبير أبوه شجاعا وكان شحيحا، قال له عمر: لو وليتها لظلت تلاطم الناس في البطحاء على الصاع والمد، وأراد علي عليه السلام أن يحجر على عبد الله بن جعفر لتبذيره المال، فاحتال لنفسه فشارك الزبير في أمواله وتجاراته، فقال عليه السلام أما إنه قد لاذ بملاذ، ولم يحجر عليه! وكان طلحة شجاعا وكان شحيحا، أمسك عن الانفاق حتى خلف من الأموال مالا يأتي عليه الحصر، وكان عبد الملك شجاعا وكان شحيحا كان يضرب به المثل في الشح وسمي رشح الحجر لبخله، وقد علمت حال أمير المؤمنين عليه السلام في الشجاعة والسخاء كيف هي؟ وهذا من أعاجيبه أيضا (1).
وقال في موضع آخر: روي عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يرى مع رسول الله صلى الله عليه وآله الضوء ويسمع الصوت (2).
وقال في موضع آخر: أقسام العدالة ثلاثة، هي الأصول وما عداها من الفضائل فروع عليها، الأولى الشجاعة ويدخل فيها السخاء لأنه شجاعة وتهوين للمال كما أن الشجاعة الأصلية تهوين للنفس، فالشجاع في الحرب جواد بنفسه والجواد بالمال شجاع في إنفاقه، فلهذا قال الطائي:
أيقنت أن من السماح شجاعة * تدعى وإن من الشجاعة جودا والثانية العفة ويدخل فيها القناعة والزهد والعزلة، والثالثة الحكمة وهي أشرفها. ولم تحصل العدالة الكاملة لاحد من البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا لهذا الرجل، ومن أنصف علم صحة ذلك، فإن شجاعته وجوده وعفته وقناعته وزهده يضرب بها الأمثال، وأما الحكمة والبحث في الأمور الإلهية فلم يكن من أحد (3) من العرب ولا نقل في كلام أكابرهم وأصاغرهم شئ من ذلك أصلا، وهذا مما كانت اليونانيون وأوائل الحكماء وأساطين الحكمة ينفردون به، وأول من