المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب (1) " يا أبا ذر إن الله تبارك وتعالى تفرد (2) بملكه ووحدانيته، فعرف عباده المخلصين لنفسه، وأباح لهم الجنة، فمن أراد أن يهديه عرفه ولايته، ومن أراد أن يطمس على قلبه أمسك عنه معرفته، يا أبا ذر هذا راية الهدى، وكلمة التقوى، والعروة الوثقى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمها الله المتقين، فمن أحبه كان مؤمنا، ومن أبغضه كان كافرا، ومن ترك ولايته كان ضالا مضلا، ومن جحد ولايته كان مشركا، يا أبا ذر يؤتى بجاحد ولاية علي يوم القيامة أصم وأعمى وأبكم، فيكبكب (3) في ظلمات القيامة ينادي يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وفي عنقه طوق من النار، لذلك الطوق ثلاثمائة شعبة، على كل شعبة منها شيطان يتفل في وجهه ويكلح من جوف قبره إلى النار.
قال أبو ذر: فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله ملأت قلبي فرحا وسرورا فزدني، فقال نعم إنه لما عرج بي إلى السماء الدنيا أذن ملك من الملائكة وأقام الصلاة، فأخذ بيدي جبرئيل عليه السلام فقدمني، فقال لي: يا محمد صل بالملائكة فقد طال شوقهم إليك، فصليت بسبعين صفا من الملائكة الصف ما بين المشرق و المغرب لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم، فلما قضيت الصلاة أقبل إلي شر ذمة من الملائكة يسلمون علي ويقولون: لنا إليك حاجة، فظننت أنهم يسألوني الشفاعة لان الله عز وجل فضلني بالحوض والشفاعة على جميع الأنبياء، فقلت: ما حاجتكم ملائكة ربي؟ قالوا: إذا رجعت إلى الأرض فاقرأ عليا منا السلام وأعلمه بأنا قد طال شوقنا إليه، فقلت: ملائكة ربي! تعرفوننا حق معرفتنا؟ فقالوا: يا رسول الله لم لا نعرفكم وأنتم أول خلق خلقه الله، خلقكم الله أشباح نور في نور من نور الله وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح وتقديس وتكبير له، ثم خلق الملائكة مما