ومقام كريم، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور، والأمر والنهي ولمن صبر منكم العافية (1) في الجنان - والله - مخلدون ولله عاقبة الأمور، فيا عجبا!
ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها لا يقتفون (2) أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب (3)، المعروف فيهم ما عرفوا والمنكر عندهم ما أنكروا (4)، وكل امرئ منهم امام نفسه أخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات، فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلا خطأ، لا ينالون تقربا ولن يزدادوا إلا بعد من الله عز وجل، أنس بعضهم ببعض، وتصديق بعضهم لبعض، كل ذلك وحشة مما ورث النبي الأمي صلى الله عليه وآله ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض، أهل حسرات، وكهوف شبهات، وأهل عشوات وضلالة وريبة، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من لا يعرفه، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غارب عنها رعاؤها، ووا أسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم، كيف يستذل بعدي بعضها بعضا، وكيف يقتل بعضها بعضا، المتشتتة غدا عن الأصل النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته، كل حزب منهم أخذ منه بغصن أينما مال الغصن مال معه، مع أن الله - وله الحمد - يستجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع قزع (5) الخريف يؤلف الله بينهم ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستشارهم (6) كسيل الجنتين سيل العرم