الابعد من أبناء الحرب لرسول الله صلى الله عليه وآله، ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء، وقرب الوعد، وانقضت المدة، وبدا لكم النجم ذو الذنب (1) من قرب المشرق (2) ولاح لكم القمر المنير، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة، واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه وآله فتداويتم من العمى والصمم والبكم، وكفيتم مؤنة الطلب والتعسف، ونبذتم الثقل القادح (3) عن الأعناق، ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
توضيح:
في دون ما استقبلتم.. الظاهر أن هذه الخطبة كانت بعد قتل عثمان وانعقاد البيعة له عليه السلام، وحدوث بعض مبادي الفتن، فالمراد بما استدبروه استيلاء خلفاء الجور وتمكنهم ثم زوال دولتهم، وبما استقبلوه ما حدث من الفتن بعد خلافته عليه السلام، فإن التدبر فيها يورث العلم بأن بناء الدنيا على الباطل، وأن الحق لا يستقيم فيها، وأن الحق والباطل كليهما إلى فناء وانقضاء، أو المراد بما استدبروه ما وقع في زمن الرسول صلى الله عليه وآله أولا وآخرا، وبما استقبلوه ما كان بعده صلى الله عليه وآله مطابقا للأحوال السابقة من غلبة الباطل أولا ثم مغلوبيته ثانيا، ويحتمل أن يكون المراد بما يستقبل وما يستدبر شيئا واحدا فإن ما يستقبل قبل وروده يستدبر بعد مضيه، أو المراد بما يستقبلونه ما أمامهم من أحوال البرزخ والقيامة، وبما استدبروه ما مضى من أيام عمرهم، ولا يخفى بعده.
فيما يعينكم (4) - بالمهملة -.. أي يهمكم (5) أو بالمعجمة.