ثم أطبق أهل الأمصار وقطان المدينة من المهاجرين والأنصار - إلا النفر الذي اختصهم عثمان لنفسه وآثرهم بالأموال كزيد بن ثابت وحسان وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير ومروان وعبد الله بن عمر - على حصره في الدار ومطالبته بخلع نفسه من الخلافة أو قتله إلى أن قتلوه على الاصرار إلى ما أنكروا عليه ومن ظفروا به في الحال من أعوانه، وأقام ثلاثا لا يتجاسر أحد من ذويه أن يصلي عليه ولا يدفنه خوفا من المسلمين إلى أن شفعوا إلى علي عليه السلام في دفنه، فأذن في ذلك على شرط أن لا يدفنوه في مقابر المسلمين، فحمل إلى حش كوكب (1) مقبرة اليهود، ولما أراد النفر الذين حملوه الصلاة عليه منعهم من ذلك المسلمون ورجموهم بالأحجار، فدفن بغير صلاة، ولم يزل قبره منفردا من مقابر المسلمين إلى أن ولي معاوية فأمر بأن يدفن الناس من حوله حتى اتصل المدفن بمقابر المسلمين، ولم يسأل عنه أحد من (2) بعد القتل من وجوه المهاجرين والأنصار كعلي عليه السلام وعمار ومحمد بن أبي بكر وغيرهم وأماثل التابعين إلا قال: قتلناه كافرا.
وهذا الذي ذكرناه من نكير الصحابة والتابعين على عثمان موجود في جميع التواريخ وكتب الاخبار، ولا يختلف في صحته مخالط الأهل والسير (3) والآثار، وإن أحسن الناس كان فيه رأيا من أمسك عن نصرته ومعونة المطالبين له بالخلع، وكف عن النكير عنه وعنهم كما ذكرناه من مواليه وبني أمية، ومن عداهم بين قاتل ومعاون بلسانه أو بيده (4) أو بهما، ومعلوم تخصص قاتليه بولاية علي عليه السلام وكونهم بطانة له وخواصا كمحمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر والأشتر وغيرهم من المهاجرين والأنصار وأهل الأمصار، وتولي الكافة لهم تولي الصالحين والمنع منهم بالأنفس والأموال وإراقة الدماء في نصرتهم والذب عنهم ورضاهم بعلي عليه