وإياك قد دعينا فأجبنا، وعرضنا على أعمالنا فاحتجنا إلى ما أسلفنا، يا أخي ولا تأس على ما فاتك، ولا تحزن على ما أصابك، واحتسب فيه الخير، وارتقب فيه من الله أسنى الثواب، يا أخي لا أرى الموت لي ولك إلا خيرا من البقاء، فإنه قد أظلتنا فتن يتلو بعضها بعضا كقطع الليل المظلم، قد ابتعثت من مركبها (1) ووطئت في حطامها، تشهر فيها السيوف، وينزل فيها الحتوف فيها يقتل من اطلع لها والتبس بها، وركض فيها، ولا تبقى قبيلة من قبائل العرب من الوبر والمدر إلا دخلت عليهم، فأعز أهل ذلك الزمان أشدهم عتوا، وأذلهم أتقاهم، فأعاذنا الله وإياك من زمان هذه حال أهله فيه، لن أدع الدعاء لك في القيام والقعود والليل والنهار، وقد قال الله ولا خلف لموعوده: " ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين (2) " فنستجير بالله من التكبر عن عبادته، و الاستنكاف عن طاعته، جعل الله لنا ولك فرجا ومخرجا عاجلا برحمته، والسلام عليك (3).
بيان: قوله: على صم اللجم، الصم جمع الأصم، ويقال: حجر أصم، أي صلب مصمت، والمراد هنا الحديدة الصلبة التي تكون في اللجام تدخل في فم الفرس قوله: وحرر قلبك، أي من رق الشهوات. ومغبة الامر بالفتح: عاقبته. و يقال: هو حفي بفلان، أي يسر به، ويكثر السؤال عن حاله. والحدب: المتعطف واستحصد الزرع: حان أن يحصد. والصرام: قطع الثمرة.
27 - الحسين بن سعيد أو النوادر: حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: أتى أبا ذر رجل يبشره بغنم له قد ولدت، فقال: يا با ذر أبشر، فقد ولدت غنمك و كثرت، فقال: ما يسرني كثرتها وما أحب ذلك، فما قل وكفى أحب إلي مما كثر وألهى، إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: على حافتي الصراط يوم القيامة الرحم والأمانة، فإذا مر عليه الوصول للرحم المؤدي للأمانة لم يتكفأ به في النار (4).