يفوز بها، ويستصغر في ذات الله الخروج من أهله وماله، وقيام ليله وصيام نهاره وجهاد الظالمين الملحدين بيده ولسانه حتى يعلم أن الله أوجبها له، وليس بعالم ذلك دون لقاء ربه، وكذلك ينبغي لك من رغب في جوار الله ومرافقة أنبيائه أن يكون، يا أخي أنت ممن أستريح إلى الضريح إليه بثي (1) وحزني، وأشكو إليه تظاهر الظالمين علي، إني رأيت الجور يعمل به بعيني، وسمعته يقال فرددته فحرمت العطاء وسيرت إلى البلاد، وغربت عن العشيرة والاخوان وحرم الرسول (صلى الله عليه وآله)، وأعوذ بربي العظيم أن يكون هذا مني له شكوى إن ركب مني ما ركب، بل أنبأتك أني قد رضيت ما أحب لي ربي. وقضاه علي، و أفضيت ذلك إليك لتدعوا الله لي ولعامة المسلمين بالروح والفرج، وبما هو أعم نفعا وخير مغبة وعقبى، والسلام.
فكتب إليه حذيفة:
بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد يا أخي فقد بلغني كتابك تخوفني به، تحذرني فيه منقلبي، وتحثني فيه على خط نفسي، فقديما يا أخي كنت بي و بالمؤمنين حفيا لطيفا، وعليهم حدبا شفيقا، ولهم بالمعروف آمرا، وعن المنكرات ناهيا، وليس يهدي إلى رضوان الله إلا هو، لا إله إلا هو، ولا يتناهى من سخطه إلا بفضل رحمته وعظيم منه، فنسأل الله ربنا لأنفسنا وخاصتنا وعامتنا وجماعة أمتنا مغفرة عامة ورحمة واسعة، وقد فهمت ما ذكرت من تسييرك يا أخي وتغريبك وتطريدك، فعز والله علي يا أخي ما وصل إليك من مكروه، ولو كان يفتدى ذلك بمال لأعطيت فيه مالي، طيبة بذلك نفسي، يصرف الله عنك بذلك المكروه، والله لو سألت لك المواساة ثم أعطيتها لأحببت شطر ما نزل بك، ومواساتك في الفقر والأذى والضرر، لكنه ليس لأنفسنا إلا ما شاء ربنا، يا أخي فافزغ بنا إلى ربنا، ولنجعل إليه رغبتنا، فإنا قد استحصدنا، واقترب الصرام، فكأني