التحريم لا يحصل إلا بأمر الله ونهيه، ولا يصير الشئ حراما بتحريم من يحرمه على نفسه إلا إذا حلف على تركه " والله غفور " لعباده " رحيم " بهم إذا رجعوا إلى ما هو الأولى والأليق بالتقوى " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " أي قد قدر الله لكم ما تحللون به أيمانكم إذا فعلتموها، وشرع لكم الحنث فيها، لان اليمين ينحل بالحنث فسمى ذلك تحلة، وقيل: أي بين الله لكم كفارة أيمانكم في سورة المائدة، عن مقاتل، قال: أمر الله نبيه أن يكفر يمينه ويراجع وليدته، فأعتق رقبة وعاد إلى مارية، وقيل: أي فرض الله عليكم كفارة أيمانكم " والله مولاكم " أي وليكم يحفظكم وينصركم، وهو أولى بأن تتبعوا (1) رضاه " وهو العليم " بمصالحكم " الحكيم " في أوامره ونواهيه لكم، وقيل: هو العليم بما قالت حفصة لعايشة، الحكيم في تدبيره " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه " وهي حفصة " حديثا " كلاما أمرها بإخفائه " فلما نبأت به " أي أخبرت غيرها بما خبرها به فأفشت سره " وأظهره الله عليه " أي واطلع الله نبيه على ما جرى من إفشاء سره " عرف بعضه وأعرض عن بعض " أي عرف النبي (صلى الله عليه وآله) حفصة بعض ما ذكرت، و أخبرها ببعض ما ذكرت، وأعرض عن بعض ما ذكرت، أو عن بعض ما جرى من الامر فلم يخبرها، وكان (صلى الله عليه وآله) قد علم جميع ذلك، لان الاعراض إنما يكون بعد المعرفة، لكنه (صلى الله عليه وآله) أخذ بمكارم الأخلاق والتغافل من شيم الكرام " فلما نبأها به " أي فلما أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حفصة بما أظهره الله عليه قالت حفصة:
" من أنبأك هذا " أي من أخبرك بهذا؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " نبأني العليم " بجميع الأمور " الخبير " بسرائر الصدور، ثم خاطب سبحانه عايشة وحفصة فقال: " إن تتوبا إلى الله " من التعاون على النبي (صلى الله عليه وآله) بالايذاء والتظاهر عليه فقد حق عليكما التوبة، ووجب عليكما الرجوع إلى الحق " فقد صغت قلوبكما " أي مالت قلوبكما إلى الاثم، عن ابن عباس ومجاهد، وقيل: زاغت قلوبكما عن سبيل الاستقامة