قال أبان: حدثني الحسين بن دينار، عن الحسن البصري قال: غدا رسول الله آخذا بيد الحسن والحسين تتبعه فاطمة، وبين يديه علي، وغدا العاقب والسيد بابنين على أحدهما درتان كأنهما بيضتا حمام، فحفوا بأبي حارثة، فقال أبو حارثة:
من هؤلاء معه؟ قالوا: هذا ابن عمه زوج ابنته، وهذان ابنا ابنته، وهذه بنته أعز الناس عليه وأقربهم إلى قلبه، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله فجثا على ركبتيه، فقال أبو حارثة: جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة فكع ولم يقدم على المباهلة، فقال له السيد: ادن يا با حارثة للمباهلة، فقال: لا، إني لأرى رجلا جريئا على المباهلة وأنا أخاف أن يكون صادقا فلا يحول والله علينا الحول وفي الدنيا نصراني يطعم الماء، قال: وكان نزل العذاب من السماء لو باهلوه، فقالوا: يا أبا القاسم إنا لا نباهلك ولكن نصالحك. فصالحهم رسول الله على ألفي حلة من حلل الأواقي قيمة كل حلة أربعون درهما جيادا، وكتب لهم بذلك كتابا (1)، وقال لأبي حارثة الأسقف: لكأنني بك قد ذهبت إلى رحلك وأنت وسنان (2) فجعلت مقدمه مؤخره فلما رجع قام يرحل راحلته فجعل رحله مقلوبا فقال: أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله (3).