قال الناس: هذا راكب على الطريق، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " كن أبا خيثمة أولى لك (1) " فلما دنا قال الناس: هذا أبو خيثمة يا رسول الله صلى الله عليه وآله، فأناخ راحلته و سلم على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: " أولى لك " فحدثه الحديث فقال له خيرا ودعا له وهو الذي زاع قلبه للمقام ثم ثبته الله " على النبي والمهاجرين والأنصار " إنما ذكر اسم النبي صلى الله عليه وآله مفتاحا للكلام، وتحسينا له، ولأنه سبب توبتهم، و إلا فلم يكن منه ما يوجب التوبة، وقد روي عن الرضا عليه السلام أنه قرأ " لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والأنصار الذين اتبعوه - في الخروج معه إلى تبوك - في ساعة العسرة (2) " وهي صعوبة الامر، قال جابر: يعني عسرة الزاد وعسرة الظهر، وعسرة الماء، والمراد وقت العسرة، لان الساعة تقع على كل زمان " من بعد ما كاد تزيغ (3) قلوب فريق منهم " عن الجهاد فهموا بالانصراف فعصمهم (4) الله " ثم تاب عليهم " بعد ذلك الزيغ " وعلى الثلاثة الذين خلفوا " أي عن قبول التوبة بعد قبول توبة من قبل توبتهم (5) من المنافقين كما قال: وآخرون مرجون لأمر الله " أو خلفوا عن غزاة تبوك لما تخلفوا، وأما قراءة أهل البيت عليهم السلام " خالفوا " فإنهم قالوا: لو كانوا خلفوا لما توجه عليهم العتب، ولكنهم خالفوا وهذه الآية نزلت في شأن كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية، و ذلك أنهم تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يخرجوا معه لا عن نفاق، ولكن عن توان، ثم ندموا، فلما قدم النبي صلى الله عليه وآله المدينة جاؤوا إليه واعتذروا فلم يكلمهم
(٢٠٤)