ما زادوكم إلا خبالا " أي وبالا " ولا وضعوا خلالكم " أي يهربوا عنكم، وتخلف عن رسول الله قوم أهل نيات وبصائر لم يكن يلحقهم شك ولا ارتياب، ولكنهم قالوا: نلحق برسول الله، منهم أبو خيثمة، وكان له زوجتان وعريشتان (1) فكانتا (2) زوجتاه قد رشتا عريشتيه (3) وبردتا له الماء وهيأتا له طعاما فأشرف على عريشتيه (4) فلما نظر إليهما قال: لا والله ما هذا بإنصاف، رسول الله صلى الله عليه وآله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قد خرج في الضح (5) والريح، وقد حمل السلاح يجاهد في سبيل الله، وأبو خيثمة قوي قاعد في عريشته (6) وامرأتين حسناوين، لا والله ما هذا بإنصاف، ثم أخذ ناقته فشد عليها رحله فلحق (7) برسول الله صلى الله عليه وآله فنظر الناس إلى راكب على الطريق فأخبروا رسول الله بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
كن أبا خيثمة، أقبل (8) فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بما كان (9) فجزاه خيرا ودعا له.
وكان أبو ذر رحمه الله تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة أيام، وذلك أن جمله كان أعجف (10) فلحق بعد ثلاثة أيام (11) ووقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه وحمل ثيابه على ظهره، فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل، فقال رسول الله: كن أبا ذر، فقالوا: هو أبو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أدركوه بالماء فإنه عطشان، فأدركوه بالماء ووافى أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه إداوة فيها ماء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا باذر معك ماء وعطشت؟ فقال: نعم يا رسول الله بأبي أنت