وقيل: كانوا ثمانية منهم أبو لبابة، وهلال، وكردم، وأبو قيس عن ابن جبير و زيد بن أسلم، وقيل: كانوا سبعة، وقيل: خمسة، وروي عن أبي جعفر عليه السلام أنها نزلت في أبي لبابة، ولم يذكر معه غيره، وسبب نزولها فيه ما جرى منه في بني قريظة حين قال: إن نزلتم على حكمه فهو الذبح (1)، وبه قال مجاهد، وقيل: نزلت فيه خاصة حين تأخر عن النبي صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية على ما تقدم ذكره، عن الزهري قال: ثم قال أبو لبابة: يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالي كله، قال: " يجزيك يا أبا لبابة الثلث " وفي جميع الأقوال أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ثلث أموالهم وترك الثلثين لان الله تعالى قال: " خذ من أموالهم " ولم يقل: خذ أموالهم " وآخرون مرجون لأمر الله " أي مؤخرون موقوفون لما يرد من أمر الله فيهم، قال مجاهد وقتادة:
نزلت الآية في هلال بن أمية الواقفي، ومرارة بن الربيع، وكعب بن مالك، و هم من الأوس والخزرج، وكان كعب رجل صدق غير مطعون عليه، وإنما تخلف توانيا عن الاستعداد حتى فاته المسير، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: والله مالي من عذر، ولم يعتذر إليه بالكذب، فقال صلى الله عليه وآله: " صدقت قم حتى يقضي الله فيك أمره " وجاء الآخران فقالا مثل ذلك، وصدقا، فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن مكالمتهم وأمر نساءهم باعتزالهم " حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت " فأقاموا على ذلك خمسين ليلة، وبنى كعب خيمة على سلع يكون فيها وحده، وقال في ذلك:
أبعد دور بني القين الكرام وما * شادوا (2) علي بنيت البيت من سعف ثم نزلت التوبة عليهم بعد الخمسين في الليل وهي قوله " وعلى الثلاثة الذين خلفوا " الآية، فأصبح المسلمون يبتدرونهم ويبشرونهم، قال كعب: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد وكان صلى الله عليه وآله إذا سر يستبشر كأن وجهه فلقة قمر، فقال لي ووجهه يبرق من السرور: " أبشر بخير يوم طلع عليك شرفه (3) مذ ولدتك أمك "