بفرس (1) فركبه، فكلما (2) بعثه نحو مسجدهم لم ينبعث، وكلما حركوه (3) نحوه لم يتحرك حتى إذا ولوا رأسه إلى غيره سار أحسن سير، فقالوا: لعل هذا الفرس قد كره شيئا في هذا الطريق، فقال: تعالوا نمش (4) إليه فلما تعاطى هو و أصحابه (5) المشي نحو المسجد جفوا (6) في مواضعهم ولم يقدروا على الحركة، و إذا هموا بغيره من المواضع خفت حركاتهم، وحنت (7) أبدانهم، ونشطت قلوبهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن هذا أمر قد كرهه الله، فليس يريده الآن وأنا على جناح سفر فأمهلوا حتى أرجع إنشاء الله تعالى ثم أنظر في هذا نظرا يرضاه الله تعالى، وجد في العزم على الخروج إلى تبوك، وعزم المنافقون على اصطلام مخلفيهم إذا خرجوا فأوحى الله تعالى إليه: يا محمد إن العلي الاعلى يقرأ عليك السلام ويقول لك: (إما أن تخرج أنت ويقيم علي وإما أن يخرج علي وتقيم أنت) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ذاك لعلي فقال علي: السمع والطاعة لأمر الله وأمر رسوله، وإن كنت أحب أن لا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله في حال من الأحوال، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فقال: رضيت يا رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن! إن لك أجر خروجك معي في مقامك بالمدينة، وإن الله قد جعلك أمة وحدك، كما جعل إبراهيم أمة، تمنع جماعة المنافقين والكفار هيبتك عن الحركة على المسلمين، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وشيعه علي عليه السلام خاض المنافقون وقالوا: إنما خلفه محمد بالمدينة لبغضه له، وملاله (8) منه، وما أراد بذلك إلا أن يبيته (9) المنافقون فيقتلوه ويحاربوه فيهلكوه فاتصل (10)
(٢٦٠)