ولا ينكر حب الجمادات للأنبياء والأولياء كما حنت الأسطوانة على مفارقته وكان يسلم الحجر عليه. وقيل: أراد به أرض المدينة، وخص الجبل لأنه أول ما يبدو منها، ولعله حبب إليه بدعائه: اللهم حبب إلينا المدينة. انتهى وأقول: سيأتي تحقيق منا في ذلك في المجلد السابع إنشاء الله.
26 - الكافي: العدة، عن سهل، عن ابن يزيد، عن عبد الحميد، عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما نفروا برسول الله صلى الله عليه وآله ناقته، قالت له الناقة: والله لا أزلت خفا عن خف ولو قطعت إربا إربا (1).
27 - أقول: قال في المنتقى: كان النبي صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك قد ظهر منه معجزات شتى، فمنها أنه لما وصل إلى وادي القرى وقد أمسى بالحجر قال:
إنها ستهب الليلة ريح شديدة، فلا يقومن منكم أحد إلا مع صاحبه، ومن كان له بعير فليوثقه بعقاله، فهاجت ريح شديدة أفزعت الناس، فلم يقم أحد إلا مع صاحبه إلا رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته، وآخر لطلب (2) بعير له فأما الخارج لحاجته فقد خنق في مذهبه، وأما الذي خرج في طلب البعير فاحتملته الريح فطرحته في جبلي (3) طيئ، ثم دعا صلى الله عليه وآله للذي أصيب في مذهبه فعاد إليه وأما الذي وقع بجبلي طيئ فإن طيئا أهدته للنبي صلى الله عليه وآله حين قدم المدينة.
ومنها أنه لما ارتحل عن الحجر أصبح ولا ماء معه ولا مع أصحابه، ونزلوا على غير ماء، فشكوا إليه العطش، فاستقبل القبلة ودعا ولم تكن في السماء سحابة فما زال يدعو حتى اجتمعت السحائب (4) من كل ناحية، فما برح من مقامه حتى سحت بالرواء (5) فانكشفت السحابة من ساعتها فسقي الناس وارتووا (6) و