فقمت من فوري وأتيت عليا (عليه السلام) وقلت: يا أمير المؤمنين! حديث أخبرني به عنك الأصبغ ضقت به ذرعا.
فقال (عليه السلام): ما هو؟
فأخبرته.
فتبسم (عليه السلام) وقال: إجلس يا ميثم، أو كل علم يحتمله عالم؟! إن الله قال: (إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون) (1) فهل رأيت الملائكة تحتمل ذلك؟
قلت: إن هذا أعظم من ذلك.
قال: وإن موسى بن عمران أنزل الله - سبحانه - عليه التوراة فظن أن لا أحد أعلم منه، فأخبره الله - تعالى - أن في خلقه من هو أعلم منه، وذلك أنه - تعالى - خاف على نبيه العجب، فأرشده بدعائه إلى العالم وجمع بينه وبين الخضر، فخرق السفينة فلم يحتمل ذلك موسى، وقتل الغلام فلم يحتمل، وأقام الجدار فلم يحتمل، هذا في الملائكة والأنبياء، وأما غيرهم فإن نبيا (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ بيدي يوم غدير خم فقال: اللهم من كنت مولاه فإن عليا مولاه، فهل رأيت احتملوا ذلك إلا من عصمه الله منهم، فأبشروا ثم أبشروا فإن الله - تعالى - قد خصكم بما لا يخص به الملائكة والنبيين بما احتملهم ذلك من أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلمه; فحدثوا عن فضلنا ولا حرج، وعن عظيم أمرنا ولا إثم.
ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): امرنا معاشر الأنبياء أن نخاطب الناس على قدر عقولهم (2).