وأما الحسن فإنه ابني وولدي وقرة عيني، وهو أحد سيدي شباب أهل الجنة، وحجة الله - تعالى - على الامة، أمره أمري وقوله قولي، من تبعه فهو مني ومن عصاه فإنه ليس مني، وإني لما نظرت إليه ذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي، فلا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم ظلما وعدوانا، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته، ويبكيه كل شيء حتى الطير في جو السماء والحيتان في جوف الماء; فمن بكى عليه لم تعم عينه أبدا يوم تعمى العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في بقعته ثبت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام.
وأما الحسين فإنه مني، وهو ابني وولدي وخير الخلق بعد أخيه، إمام المسلمين، ومولى المؤمنين، وخليفة رب العالمين، وغياث المستغيثين، وكهف المستجيرين، وحجة الله على خلقه أجمعين، وهو ثاني سيدي شباب أهل الجنة، وباب نجاة الامة، أمره أمري وطاعته طاعتي، من تبعه فإنه مني ومن عصاه فليس مني، وإني لما رأيته ذكرت ما يصنع به بعدي، وكأني به وقد استجار بحرمي وقبري إذ لا يجار، فأضمه في منامه إلى صدري وآمره بالرحلة عن دار هجرتي وابشره بالشهادة، فيرتحل إلى أرض مقتله وموضع مصرعه - أرض كربلا - فتنصره عصابة من المسلمين، أولئك من سادة شهدائي (1) يوم القيامة، وكأني أنظر إليه وقد رمي بسهم في نحره فيخر عن فرسه صريعا ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوما.
ثم بكى [رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكى من حوله وإرتفعت أصواتهم بالضجيج] وقال:
اللهم أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي من بعدي، وقام فدخل منزله (2).