ولم أكن سمعت بشيء يصلح لعسر البول، فبقيت لا أدري ما أقول، فقال لي معاوية: عجل علي! فقلت لخادم له قائم قد أخذه بيده وهو متكئ عليه: بل، يا خادم في إناء واسق مولاك، فإنه يزول!
فقال معاوية للخادم: عجل علي بما قال، فليس هذا من طبه، ولا هذا إلا من تلقين علي بن أبي طالب له، ولا والله ما سمعت هذا الذي قلته من أحد، وإنما أردت أن أكلمه بما احتجر به عنه، وأومأ إلى الخادم إلى إناء فضة وبال فيه وناوله معاوية فشربه، وإنه ما استتم شرب ذلك حتى بدر بوله على أفخاذه وفي ثيابه! فقال: يا لها من فضيحة وشهرة من علي بن أبي طالب، كم أعهد أني لا أعرض إلى أحد يذكر عليا ثم أخالف ذلك! وشاع ذلك في قصره.
فقال لي معاوية: سل حوائجك وأضف إليها ما أحببت، وأنا أسألك أن لا يجري مما جرى شيء في العراق على لسانك، وإن سألك علي عن شيء من ذلك فاكتمه.
فقلت له: لم أر رأيا أعجب من هذا الرأي! يقول: هذا ليس من طبك ولا هذا إلا من فضائح علي بن أبي طالب لك وترجع في ساعتك تقول: لا تبد لعلي بن أبي طالب من ذلك شيئا، وهو والله يا معاوية أعلم بما جرى بيني وبينك مني ومنك!
فقال معاوية: هو كما قلت يا يهودي.
ثم إنه أمر أن يدفع إلي ما كان معي من المتاع ووصلني بعشرين ألف درهم.
فقال أهل الشام ومن بحضرته من بني أمية: ما رأينا مثل هذا اليهودي قدم من العراق إلى الشام إلا ليسقي معاوية من بول خادمه، ويأخذ عشرين ألف درهم، ويرجع بها ويصير أحدوثة بها في العراق!!
ثم إن معاوية وكل بي فأخرجت من دمشق، فلما دخلت [كوفة] ذهبت إلى باب أمير المؤمنين (عليه السلام)، فشرفت بلقائه في المسجد والناس محدقون به، فقال لي صلوات الله عليه: " من دمشق وافيت؟ " قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: " سقيت معاوية بول خادمه وأخذت جائزته على ذلك عشرين ألف درهم، وقد كان عزم