الحديث السادس والتسعون عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال:
خرج معاوية ذات يوم إلى خارج دمشق راكبا على بغلة شهباء للتفرج، وعن يمينه أبو الأعور السلمي، وعن شماله عمرو بن العاص، وبين يديه ولداه: خالد ويزيد، فلما أصحر إذا شيخ قد أقبل من صدر البرية، تبين شراسيف صدره من خرز ظهره، وعليه جبة من الصوف قد مر نساجها وبقي لحامها، وقد خرج من تحتها شعر صدرها كسلي النحل، وعلى رأسه شملة من الصوف، وفي وسطه حبل من ليف المقل.
فقال له معاوية: من أين أقبلت يا شيخ؟ فلم يتكلم، فأعاد القول ثانية؟
فلم يتكلم، فأعاد القول ثالثة؟ فقال الشيخ: ويحك! ألم تسمع قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " تحية المؤمن قبل كلامه "؟!
فقال له معاوية: صدقت وأخطأنا يا شيخ، السلام عليك، فقال الشيخ: السلام على من اتبع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع الملك الأعلى.
فقال له: من أين أقبلت؟ قال: من أرض النجفية (1).
قال: وأين تريد؟ قال: الأرض التي بورك فيها.
فقال معاوية: لعلك أقبلت من الكوفة تريد البيت المقدس؟ قال: أجل.
فقال له معاوية: كيف خلفت أبا تراب؟ فقال الشيخ: فمن أبو تراب؟ قال:
علي بن أبي طالب.
فقال: خف، ولم لا تقول: الميزان الراجح، والطريق الواضح، والزناد القادح، والشهاب اللائح، صاحب بدر وحنين، وأبو الحسن والحسين، والمفرق بين ولد الحلال والزنى؟!
فقال معاوية: من ذكرته كيف خلفته؟ قال: خلفته معافى في دينه ودنياه.