الحديث التاسع والثلاثون عن ابن عمر قال:
بينما أنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نخل المدينة وهو يطلب عليا إذ انتهى إلى حائط فاطلع فيه فنظر إلى علي [وهو يعمل في الأرض وقد أغبار، فقال له: " ما ألوم الناس إن يكنوك بأبي تراب ".
قال ابن عمر: فلقد رأيت عليا تمعر وجهه وتغير لونه واشتد ذلك عليه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)]: " ألا أرضيك يا علي؟ " قال: " بلى يا رسول الله، صلى الله عليك " فقال:
" أنت أخي ووزيري وخليفتي [بعدي] في أهلي، تقضي ديني وتبرئ ذمتي، من أحبك في حياتي فقد قضى الله [له] بالجنة، ومن أحبك في حياة منك بعدي فقد ختم [الله] له بالأمن والأمان، ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالأمن والإيمان وآمنه يوم الفزع الأكبر، ومن مات وهو باغضك مات ميتة جاهلية، يهوديا أو نصرانيا، لا يحاسبه الله بما عمل في الإسلام " (1).
وهذا الخبر يعضد الأول. ومن العجب أن ابن عمر يروي مثل ذلك ويمتنع من البيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم يدخل إلى الحجاج ليلا ويقول له: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " من مات ولم يعرف له إماما مات ميتة الجاهلية " قد جئت لأبايعك لعبد الملك بن مروان!!
فتشاغل الحجاج ودفع إليه رجليه وقال: يدي مشغولة ورجلي يبايعك! استهانة منه بما أتى به، ثم قال: يا أهل المدينة، هذا أزهد أهل زمانكم قعد عن بيعة علي بن أبي طالب بيده وجاء يبايع لعبد الملك برجل الحجاج.