على إبداعك السجن إلى أن تكتب إلي في خلاصك من السجن كما رددت إليك ضالتك ".
فقلت: والله يا مولاي أنت أعلم بما كان مني ومنه!!
فقال: " امض إلى أهلك لا أرغم الله إلا بأنفه ".
فشاع ذلك بالكوفة، وكان الناس يأتوني ويسألوني عن حديثه، فأخبرهم به.
ثم اتفق لي سفرا إلى البصرة، فأتيت إلى أمير المؤمنين فقال لي:
" إنك لتمضي إلى البصرة، فيكون منك كيت وكيت، ويجري عليك كيت وكيت، وأعظمها محنة أنك لا ترى عليا بعد وقتك هذا ".
فقلت: يا سيدي، لأي سخط حال منك علي؟ أم لماذا؟
فقال (عليه السلام): " لا سخط عليك، بل رحلة وغيبة إلى أجل ".
فقلت: يا سيدي، فأمتنع عن قصدي لأشهدك في ذلك الوقت؛ فهو أسر إلى قلبي وأبر عندي.
فقال (عليه السلام): " امض لشأنك موفقا ".
وقد كان شرح لي أمورا يطول شرحها، عاينتها ووجدتها كما قال (عليه السلام)، ما أخل منها شيء!
فلما كان من سفري مدة ستة أشهر، قيل بالبصرة: قتل علي بن أبي طالب.
فقلت: إن عليا لا يقتل! فدخلت الكوفة وبها كل خارج وخارجة، فسلمت جميع ما حوته يدي إلى أهلي وولدي، وخرجت عنهم ودخلت الجامع، وآليت أن لا أبرح من عند هذه الأسطوانة حتى ألحق به، أفتعنفني بما سمعت مني؟!
فقلت له: ما أعنفك، وتركته وانصرفت. فلما كان في اليوم الثالث سمعت النداء:
مات فلان اليهودي مولى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فحضرت فيمن حضر، وصلى عليه جميع أهل الكوفة، ثم دفن (رحمه الله).