السلام وهو يقول لك: " معك حلة في السفط الفلاني التي دفعتها إليك ابنتك وقالت:
اشتر لي فيروزجا، وهذا ثمنها!! " فدفعتها إليهم وقلت: والله لأسألنه عن مسائل، فإن أجابني عنها فهو هو. فكتبتها وغدوت إلى بابه فلم أصل إليه من كثرة الزحام، فبينما أنا جالس إذ خرج خادم إلي فقال لي: يا علي بن أحمد، هذه جوابات مسائلك التي معك. فأخذتها منه، فإذا هي جوابات مسائلي بعينها!! (1) الحديث الخامس والمائة قال رباني هذه الأمة عبد الله بن عباس (رضي الله عنه)، وقد سأله معاوية عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال:
كان والله للقرآن تاليا، وللشر قاليا، وعن المين (2) نائيا، وعن المنكرات ناهيا، وعن الفحشاء ساهيا، وبدينه عارفا، ومن الله خائفا، وعن الموبقات صارفا، وبالليل قائما، وبالنهار صائما، ومن دنياه سالما، وعلى العدل في البرية ملازما، وبالمعروف آمرا، وعن المهلكات زاجرا، وبنور الله ناظرا، ولشهوته قاهرا، فاق العالمين ورعا وكفافا وقناعة وعفافا، وسادهم زهدا وأمانة وبرا وحياطة.
كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، ومنتهى الإحسان، وملاذ الضعفاء ومعقل الحنفاء، وكان للحق حصنا حصينا، وللناس عونا مبينا، وللدين نورا، وللنعم شكورا، وفي البلاء صبورا.
كان والله هجادا بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، دائم الفكرة في الليل والنهار، نهاضا إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منجية، فرارا من كل موبقة.
كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجى، وبحر الندى، وطود النهى، وكنف العلم للورى، ونور السفر في ظلم الدجى.