ورجال من الأنصار، فرأيت عليا كالليث يتقي الزرق (1)، فأخذ كفا من حصى الأرض فرمى في أقفيتنا، ثم قال: " إلى أين تفرون، إلى أين تفرون؟! إلى النار، إلى النار؟! " ثم أخذ كفا آخر فرمى به في وجوهنا ثم قال: " بايعتم ونكثتم وفررتم، شاهت الوجوه! " ثم مضى مصلتا سيفه على المشركين فأزلهم، ثم كر نحونا ثانية وفي كفه صفيحة يقطر منها دماء الموت، وعيناه كالقدحين المملوئين دما يتوقدان نارا، وجعل يقول:
" إلى أين، إلى أين؟! إلى النار، إلى النار؟! والله لأنتم بالقتل أولى ممن أقتل ".
فقلت له من بينهم: يا أبا الحسن، الله الله، إن العرب تكر وتفر وإن الكر يمحو الفر، ولم أزل به حتى سكن حرده وسكن روعه وانصرف عنا، فوالله لأجد رعب ذلك اليوم في صدري إلى اليوم (2).
الحديث الثامن والثلاثون عن جابر [بن عبد الله] قال:
قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعرفات وعلي تجاهه وأومأ إلى علي وقال: " ادن مني " فدنا منه فقال: " ضع خمسك في خمسي " فوضعها، فقال: " هذه مبايعة لك، إن من مات وهو لا يتولاك مات ميتة الجاهلية " ثم قال:
" يا علي، خلقت أنا وأنت من شجرة واحدة، أنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها، فمن تعلق بغصن منها دخل الجنة. يا علي، لولا أن أمتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا، وصلوا حتى يكونوا كالأوتاد، وبغضوك؛ لأكبهم الله في النار [على وجوههم] " (3).