وأعطاها درهمها وقال: يا مولاي، أحب أن ترضى عني! قال: " ما أرضاني عنك إذا أوفيتهم حقهم! ".
ثم مر مجتازا بأصحاب التمر فقال: " يا أصحاب التمر، أطعموا المساكين فيربو كسبكم ".
ثم مر مجتازا ومعه المسلمون حتى أتى أصحاب السمك فقال: " لا يباع في سوقنا طافي " (1).
ثم أتى دار فرات - وهو سوق الكراريس - فقال لشيخ: " يا شيخ، أحسن بيعي في قميصي بثلاثة دراهم " فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، ثم أتى آخر، فلما عرفه لم يشتر منه، فأتى غلاما حدثا، فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، ولبسه ما بين الرسغين (2) إلى الكعبين، فقال حين لبسه: " الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأواري به عورتي ".
فقيل له: يا أمير المؤمنين، هذا شيء ترويه عن نفسك أو شيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
[قال: " بلى شيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقوله عند الكسوة "].
فجاء أبو الغلام صاحب الثوب، فقيل: يا فلان قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم! قال: أفلا أخذت منه درهمين؟ فأخذ أبوه درهما وجاء به إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو جالس على باب الرحبة ومعه المسلمون، فقال: أمسك هذا الدرهم يا أمير المؤمنين، فقال: " ما شأن هذا الدرهم؟ " قال: كان ثمن القميص درهمين، فقال: " باعني برضاي وأخذه برضاه " (3).