بها ما معي من المتاع، فإذا جرى بيني وبين أحد خلاف قلت: حلفت بحق أمير المؤمنين علي، فلما أن رأوا مني ذلك أهل الشام أدوه إلى معاوية، فأرسل إلي وقبض علي وعلى ما كان معي من المتاع وحبسني، فلما كان في الليل دعاني وقال لي: ويلك!
أنت يهودي من دسكرة الكوفة، فأي شيء أسداه إليك علي بن أبي طالب حتى لهجت به وتذكره؟ فقصصت عليه قصته.
فقال: بلغ كذبكم على الله وإدعاؤكم عليه وكذبكم على موسى (عليه السلام) واتخاذكم العجل من بعده حتى عدلتم إلى علي بن أبي طالب تدعون له الربوبية!!
فقلت له: يا معاوية، الذي تقوله هزل، إلا أن ما قلته في علي بن أبي طالب فإنه جد. وقال: وتلك كذلك؟ فقلت: أجل.
فقال لحاجبه: خذه وقيده وغله وأودعه السجن، وليكن في أضيق موضع، ويعلم أن علي بن أبي طالب ليس هو كما يصف.
فأخذني الحاجب وقيدني وغل يدي إلى عنقي وأودعني السجن، فأقمت به ليلتي، فلما كان من الغد دخل علي حاجبه فقال لي: إن أمير المؤمنين معاوية يقول لك: اكتب إلى علي حتى يخرجك من حبسك كما رد عليك ضالتك!!
فقلت له: إنك لتقول باطلا، ما للمؤمنين أمير سوى علي بن أبي طالب، فخرج ولم يلبث فرجع وقال للسجان: خذ ما في عنقه ورجله من الحديد!
فقلت له: أليس قد تواعدتني عن معاوية أنه بعثك إلي يقول لي: اكتب إلى علي بن أبي طالب حتى يخرجك من السجن كما رد عليك ضالتك بالكوفة؟!
قال: بعثني الآن لأحضرك بين يديه. فقلت له: أيريد قتلي؟ فقال: لا علم لي.
فخرجت من السجن وأنا أظن أن معاوية يريد قتلي، فدخلت عليه في قصره وإذا له ضجيج وصياح عظيم، وهو يدور في قصره، وعليه عوذ بعنقه كبيرة.
فلما بصرني قال: يا يهودي، لك أماني وقضاء كل حاجة تسألني إن أزلت عني ما أجده! فقلت: وما تجد؟ [قال:] عسر البول منذ أمرت بك إلى السجن!