تجملت تبغلت وإن عشت تفيلت * لك التسع من الثمن وبالكل تملكت (1) وهذه أبيات تخللت، ورجعنا إلى الأخبار والحكايات.
الحديث الثالث عشر والمائة عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس قال: بعثني علي (عليه السلام) بعد إظهاره على البصرة على عائشة، عليها ما يستحقها يأمرها بالرحيل إلى بلادها، فأتيتها ودخلت عليها، فلم تضع لي شيئا أجلس عليه، فتناولت وسادة كانت في رحلها فقعدت عليها، فقالت: يا بن عباس أخطأت السنة؛ قعدت على وسادتنا في بيتنا بغير إذننا!
فقلت: ما هذا بيتك الذي أمرك الله تعالى أن تقري فيه، ولو كنت فيه ما قعدت على وسادتك إلا بإذنك، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعثني إليك يأمرك بالرحيل إلى بلادك.
فقالت: وأين أمير المؤمنين؟ ذاك عمر بن الخطاب، ذاك عثمان بن عفان!
قال: قلت: ذاك علي بن أبي طالب. قالت: أبيت! أبيت!
فقلت: والله ما كان إباؤك إلا كحلب شاة حتى لا تأمرين ولا تنهين، ولا تأخذين ولا تعطين، وما مثلك إلا كقول بني أسد:
ما زال إيماء الصغائر بيننا * نث الحديث وكثرة الألقاب حتى نزلت كأن صوتك بينهم * في كل نائبة طنين ذباب قال: فبكت حتى كأني أسمع نحيبها من وراء الحجاب، ثم قالت: إني معجلة الرحيل إلى بلادي، والله ما من بلد أبغض إلي من بلد أنتم فيه.
قال: قلت: ولم ذاك؟ فوالله لقد جعلناك للمؤمنين أما وجعلنا أباك صديقا!
فقالت: ثكلتني أمي يا بن عباس! أتمن علي برسول الله [(صلى الله عليه وآله وسلم)]؟!
فقلت: ما لي لا أمن عليك بمن لو كان منك لمننت به علي!