الحديث الثالث والمائة حدث أبو الحسن علي بن حماد العبدي (رحمه الله) بالبصرة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة عن رجاله: أنه لما فتحت المدائن وجمعت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة الغنائم، وأحضر عمر جميع المسلمين ليقسموها على ما أوجبه الله، وعرضت السبايا عليهم وهن متابعات بينهم، أبرزت شهربان بنت يزدجرد وهي مختمرة وعليها من ثياب الملوك شملة، فقال عمر: احبسوا عنها الخمار فلا حرمة إلا للإسلام.
فقال له علي (عليه السلام): " يجب لبنات الملوك أن تتميزن عن غيرهن ".
فقال له عمر: أفيخرجن من السبي ويزول عنهن الرق؟ قال: " [لا] ولكن لا يهتك خمرهن ويجعل الاختيار إليهن فيمن يملكهن ". فأجاز عمر ذلك وطيف بها عليهم - وهم جلوس مجتمعون - ليقع اختيارها على من تملكها من المسلمين، فلم تزل تتفحصهم، ثم أشارت إلى الحسين (عليه السلام) من بينهم، فحصلت في سهمه على ما أوجب من الفرض له، فولدت علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام).
ثم حدث أبو نصر مهيار بن أدبار - وكان من رؤساء المتصرفين وعلماء المجوس المتأدبين - عن رجاله ومن أسند من رواة الطائفة إليه: أن شهربان حين طيف بها عند اقتسام الغنائم على كافة المسلمين في المسجد لتختار من تكون من سهمه منهم، وتسير إلى من يحصل في ملكه من جملتهم، ووقع اختيارها على الحسين (عليه السلام)، وصارت في قسمه، وتقدم لحملها إلى داره، قال لها عمر: أخبريني عنك: قد عرض عليك كافة المسلمين، وفيهم أنا وأنا أميرهم، وما يتعذر وجود الكهول والصباح والشبان والأوضاح فيهم، وكيف اخترت هذا الفتى من بينهم؟
فقالت: الصدق أنجى وأرجى، كنت حين طيف بي على الجماعة - فأنا ألحظهم ليقع اختياري على من يملكني منهم - لا أرى أحدا إلا يرمقني بطرف حديد ونظر