النار التي أخذت أخاه، ثم هوت به النار إلى الأرض!
فبينما أنا قائم حذاءه أتعجب إذ أقبل رجل ثالث فسلم، فرددت عليه السلام، فقال: هل رأيت رجلين من حالهما وصفتهما كيت وكيت؟ قلت: نعم، وكرهت أن أخبره كما أخبرت أخاه، بل قلت: تريد أن أريك أخاك؟ قال: نعم، فأتيت به إلى موضعهما، فنظر إلى الأرض والنار يخرج الدخان منها، فقال: ما هذا؟ فحدثته بحديثهما.
فقال: [والله] لئن أجابني أخواي بتصديقك لأتبعن (1) دينك، وإن كان غير هذا لأقتلنك أو تقتلني! ثم صاح: يا دانيال، يا دانيال، أهو كما يقول هذا الرجل؟ قال: نعم يا هارون، فصدقه. (ثم أقبل إلى الآخر فهتف به وقال: يا يوحنا، يا يوحنا، أحقا يقول هذا الرجل؟ قال: نعم يا هارون، فصدقه) (2)، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن عيسى روح الله وكلمته وعبده ورسوله. قلت: الحمد لله الذي هداك.
قال: فإني قد أجبتك في الله تعالى، إلا أن لي أهلا وولدا وغنما، ولولاهم لسحت معك في الأرض، ولكن بقياي [مفارقتي ن - خ] عليهم شديدة وأرجو أن أكون بهم في القيامة سعيدا (3)، ولعلي أنطلق بهم فأكون بالقرب منك.
فانطلق فغاب عني ليال، ثم أتاني في بعض الليل فهتف بي، فنزلت إليه فإذا به قد أتى بأهله وغنمه، وضرب خيمة هاهنا بالقرب مني، فلم أزل أنزل إليه في أطراف الليل وأتعاهده وألقاه، وكان أخا صدق في الله عزوجل، فقال لي ذات يوم:
يا هلقود (4)، إني قد قرأت في التوراة فإذا فيها صفة محمد: [النبي الأمين] (عليه السلام)، فقلت:
وأنا قرأت [صفته] في الإنجيل والتوراة، فآمنا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحببناه [وتمنينا] لقاءه.