فإذا هو قد قبض في ذلك اليوم!! فكانت بعد ذلك تثمر ثمرا دون ذلك في العظم والطعم والرائحة، فأقامت ذلك [نحو] ثلاثين سنة، فلما كانت ذات يوم أصبحنا فإذا بها قد تشوكت من أولها إلى آخرها، وذهبت نضارة عيدانها، وتساقطت جميع ثمراتها، فما كان إلا يسير حتى وافانا خبر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)!!
فما أثمرت بعد ذلك لا قليلا ولا كثيرا، وانقطع ثمرها، فلم نزل نحن ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي به مرضانا ونستشفي به من أسقامنا، فدامت على ذلك برهة ومدة طويلة، فأصبحنا ذات يوم فإذا بها قد انبعث من ساقها دما عبيطا يجري وأوراقها ذابلة تقطر ماء (1) كماء اللحم!!!
فقلنا: حدثت حادثة عظيمة، فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية، فلما أظلم الليل علينا سمعنا بكاء وعويلا من تحتها وجلبة شديدة ورجة، وسمعنا صوت باكية تقول:
يا بن النبي ويا بن الوصي وابن البتول * ويا بقية السادات الأكرمينا (2) ثم كثرت الرنات والأصوات، فلم نفهم كثيرا مما كانوا يقولون، فأتانا بعد ذلك مقتل حسين بن علي (عليهما السلام)، فيبست الشجرة وجفت، فكسرتها الرياح والأمطار، فذهبت واندرس أثرها.
قال أبو محمد عبد الله بن عمر (3): فلقيت دعبل بن علي الخزاعي بمدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فحدثته بهذا الحديث فلم ينكره، وقال دعبل بن علي: حدثني أبي عن أبيه عن جدي عن أمه سعدى (4) بنت مالك الخزاعي أنها أدركت تلك الشجرة فأكلت