احفروا هاهنا، فحفرناه فإذا صخرة [صماء] عظيمة، قال: " اقلعوها " قال: فجهدنا (1) على قلعها فلم نقدر. قال: فتبسم من عجزنا عنها، ثم أهوى بيديه [جميعا] فكأنما كانت في يده كرة، فإذا تحتها عين بيضاء كأنها من شدة بياضها اللجين الناب (2). قال:
" دونكم فاشربوا واسقوا وتزودوا ثم آذنوني بها ". قال: ففعلنا ذلك ثم زدناه (3)، فأقبل يمشي إليها بغير رداء ولا حذاء، فتناول الصخرة بيمينه، ثم دحا [بها] الهوى فوقعت على العين فكأنها ما زالت عنها، ثم حثنا عليها التراب.
[وكان ذلك بعين الديراني] وكان بالقرب منا بحيث يرانا... [ويسمع كلامنا].
[قال:] فلما عاين ذلك نزل إلينا وقال: أين صاحبكم؟ فانطلقنا به إلى علي (عليه السلام) فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأنك وصي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولقد كنت أرسلت إليك بالسلام عني وعن صاحب لي مات - كان أوصاني بذلك - مع جيش [لكم منذ كذا وكذا] أمرني في سنة من السنين.
قال سهل بن حنيف: فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا الديراني الذي قلت لك عنه وحدثتك حديثه وأبلغتك سلامه وسلام صاحبه.
فقال [له] علي (عليه السلام): " وكيف علمت أني وصي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ".
قال: حدثني (4) أبي - وقد أتى عليه من العمر ما أتى علي - عن أبيه عن جده، عمن قاتل مع يوشع بن نون - وصي موسى (عليه السلام) - حين قاتل الجبارين بعد موسى بأربعين سنة، أنهم مروا بهذا المكان وأن أصحابه عطشوا، فشكوا إليه العطش، فقال:
أما إن بقربكم عينا أنزلها الله تعالى من جنة عدن، استخرجها آدم (عليه السلام)، فقام